للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ غَابَ عَنْهُ الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ، وَإِنْ جَرَحَهُ وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَعَدَلَ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْإِرْسَالِ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ حَلَّ كَمَا فِي السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ تَكْلِيفُهُ تَرْكَ الْعُدُولِ، وَلِأَنَّ الصَّيْدَ لَوْ عَدَلَ فَتَبِعَهُ حَلَّ قَطْعًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّهُ وَإِنْ ظَهَرَ لِلْكَلْبِ بَعْدَ إرْسَالِهِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَمْسَكَهُ ثُمَّ عَنَّ لَهُ آخَرُ فَأَمْسَكَهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ، سَوَاءٌ أَكَانَ عِنْدَ الْإِرْسَالِ مَوْجُودًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى صَيْدٍ وَقَدْ وُجِدَ، وَلَوْ قَصَدَ وَأَخْطَأَ فِي الظَّنِّ وَالْإِصَابَةِ مَعًا كَمَنْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُحَرَّمًا، فَلَا يَسْتَفِيدُ الْحِلَّ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ بِأَنْ رَمَى حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا ظَنَّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا فَمَاتَ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُبَاحًا.

فُرُوعٌ: لَوْ رَمَى فِي ظُلْمَةٍ لَعَلَّهُ يُصَادِفُ صَيْدًا فَصَادَفَهُ وَمَاتَ لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدًا صَحِيحًا، وَقَدْ يُعَدُّ مِثْلُهُ سَفَهًا وَعَبَثًا، وَلَوْ رَمَى شَاةً فَأَصَابَ مَذْبَحَهَا وَلَوْ اتِّفَاقًا بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَقَطَعَهُ حَلَّتْ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الرَّمْيَ إلَيْهَا، وَلَوْ أَحَسَّ بِصَيْدٍ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ شَجَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَرَمَاهُ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ حَلَّ؛ لِأَنَّ لَهُ بِهِ نَوْعَ عِلْمٍ، وَلَا يَقْدَحُ هَذَا فِي عَدَمِ الْحِلِّ بِرَمْيِ الْأَعْمَى، إذْ الْبَصِيرُ يَصِحُّ رَمْيُهُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْأَعْمَى.

(وَلَوْ غَابَ عَنْهُ الْكَلْبُ) الَّذِي أَرْسَلَهُ (وَالصَّيْدُ) قَبْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ الْكَلْبُ (ثُمَّ وَجَدَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (مَيِّتًا حَرُمَ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَلَا أَثَرَ لِتَلَطُّخِ الْكَلْبِ بِالدَّمِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكَلْبَ جَرَحَهُ وَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ أُخْرَى (وَإِنْ جَرَحَهُ) الْكَلْبُ أَوْ أَصَابَهُ بِسَهْمٍ فَجَرَحَهُ جُرْحًا يُمْكِنُ إحَالَةُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ (وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي يَحِلُّ حَمْلًا عَلَى أَنَّ مَوْتَهُ بِالْجُرْحِ، وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ أَصَحُّ دَلِيلًا، وَفِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ، وَثَبَتَ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ دُونَ التَّحْرِيمِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ، فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِطُرُقِ حَسَنَةٍ، وَفِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا أَهْلُ صَيْدٍ وَإِنَّ أَحَدَنَا يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَغِيبُ عَنْهُ اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَيَجِدُهُ مَيِّتًا؟ فَقَالَ: إذَا وَجَدْتَ فِيهِ أَثَرَ سَهْمِكَ وَلَمْ يَكُنْ أَثَرُ سَبْعٍ وَعَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قَتَلَهُ فَكُلْ» فَهَذَا مُقَيِّدٌ لِبَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ وَدَالٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي مَحِلِّ النِّزَاعِ اهـ.: أَيْ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ: أَيْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ سَهْمَهُ قَتَلَهُ، فَتَحَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الْمَتْنِ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِهِ.

تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَنْهَاهُ بِالْجُرْحِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ وَإِلَّا فَيَحِلُّ جَزْمًا، وَمَا لَمْ يَجِدْ فِيهِ غَيْرَ جُرْحِهِ، فَإِنْ وَجَدَ بِهِ أَثَرَ صَدْمَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أُخْرَى حَرُمَ جَزْمًا.

تَتِمَّةٌ: لِمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ نَظَائِرُ مِنْهَا مَا إذَا مَشَطَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فَسَقَطَ مِنْهُ شَعْرٌ وَشَكَّ هَلْ انْتَتَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>