وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدَ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلثَّانِي، وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلُ فَلَهُ، وَإِنْ أَزْمَنَ فَلَهُ، ثُمَّ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِي بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ، وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ، وَإِنْ ذَفَّفَ لَا بِقَطْعِهِمَا أَوْ لَمْ يُذَفِّفْ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ، وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ،
ــ
[مغني المحتاج]
الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُبَاحٌ، وَلَوْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ مَمْلُوكٌ بِحَمَامٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ أَوْ انْصَبَّ مَاءُ مِلْكٍ فِي نَهْرٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى أَحَدٍ الِاصْطِيَادُ وَالِاسْتِقَاءُ مِنْ ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُ الْمَالِكِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ مَا لَا يَنْحَصِرُ لَا يَتَغَيَّرُ بِاخْتِلَاطِهِ بِمَا يَنْحَصِرُ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمَةٌ بِنِسَاءٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ مِنْهُنَّ وَلَوْ كَانَ الْمُبَاحُ مَحْصُورًا حَرُمَ ذَلِكَ كَمَا يَحْرُمُ التَّزَوُّجُ فِي نَظِيرِهِ، وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الْمَحْصُورِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ، وَلَوْ اخْتَلَطَتْ دَرَاهِمُ أَوْ دُهْنٌ حَرَامٌ بِدَرَاهِمِهِ أَوْ دُهْنِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَصَرَفَهُ إلَى مَا يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهِ وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي بِمَا أَرَادَ جَازَ لِلضَّرُورَةِ كَحَمَامَةٍ لِغَيْرِهِ اخْتَلَطَتْ بِحَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَأْكُلُهُ بِالِاجْتِهَادِ فِيهِ إلَّا وَاحِدَةً، كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ تَمْرَةُ غَيْرِهِ بِتَمْرِهِ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي أَنْ يَجْتَنِبَ طَيْرَ الْبُرُوجِ وَبِنَاءَهَا.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الِازْدِحَامِ بِالْجُرْحِ عَلَى الصَّيْدِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدَ اثْنَانِ) وَلِلْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: الْحَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَقَعَ الْجُرْحَانِ (مُتَعَاقِبَانِ، فَإِنْ ذَفَّفَ) أَيْ قَتَلَ (الثَّانِي) مِنْهُمَا الصَّيْدَ (أَوْ أَزْمَنَ) بِأَنْ أَزَالَ امْتِنَاعَهُ (دُونَ الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَذْفِيفٌ وَلَا إزْمَانٌ (فَهُوَ لِلثَّانِي) ؛ لِأَنَّ جُرْحَهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي امْتِنَاعِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ بِجُرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلُ فَلَهُ) الصَّيْدُ لِمَا مَرَّ، وَلَهُ عَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ إنْ كَانَ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ (وَإِنْ أَزْمَنَ) الْأَوَّلُ (فَلَهُ) الصَّيْدُ لِإِزْمَانِهِ إيَّاهُ (ثُمَّ) يُنْظَرُ (إنْ ذَفَّفَ الثَّانِي بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ) أَكْلُهُ لِحُصُولِ الْمَوْتِ بِفِعْلِ ذَابِحٍ (وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ) أَرْشٌ وَهُوَ (مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا، كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِنْ ذَفَّفَ) الثَّانِي (لَا بِقَطْعِهِمَا) أَيْ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ (أَوْ لَمْ يُذَفِّفْ) أَصْلًا (وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرِّمِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ فِي الذَّبْحِ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ (وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ مِلْكَهُ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ جُرْحُهُ مُذَفِّفًا، فَإِنْ جُرِحَ بِلَا تَذْفِيفٍ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، لَكِنْ اسْتَدْرَكَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةً وَزَمِنًا تِسْعَةً وَمَذْبُوحًا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ لِحُصُولِ الزُّهُوقِ بِفِعْلِهِمَا فَيُوَزَّعُ الدِّرْهَمُ الْفَائِتُ بِهَا عَلَيْهِمَا فَيُهْدَرُ نِصْفُهُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُهُ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنْ تَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ وَذَبَحَهُ بَعْدَ جُرْحِ الثَّانِي لَزِمَ الثَّانِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute