للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ جَرَحَا مَعًا وَذَفَّفَا أَوْ أَزْمَنَا فَلَهُمَا، وَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ، وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ وَأَزْمَنَ آخَرُ وَجُهِلَ السَّابِقُ حَرُمَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَرْشُ إنْ حَصَلَ بِجُرْحِهِ نَقْصٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ بَلْ تَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الثَّانِيَ يَضْمَنُ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ امْتَنَعَ مِنْ تَدَارُكِ مَا تَعَرَّضَ لِلْفَسَادِ بِجِنَايَةِ الْجَانِي مَعَ إمْكَانِ التَّدَارُكِ وَهُوَ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ، وَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا؛ لِأَنَّ تَفْرِيطَ الْأَوَّلِ صَيَّرَ فِعْلَهُ إفْسَادًا؛ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ الْجُرْحُ الثَّانِي وَتُرِكَ الذَّبْحُ كَانَ الصَّيْدُ مَيْتَةً، وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ مَثَلًا: قِيمَةُ الصَّيْدِ عَشَرٌ فَنَقَصَ بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَاحِدٌ وَبِالثَّانِي وَاحِدٌ، ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَتُجْمَعُ قِيمَتُهُ قَبْلَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَقِيمَتُهُ قَبْلَ الْجُرْحِ الثَّانِي فَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ تِسْعَةَ عَشَرَ، فَيُقْسَمُ عَلَيْهِ مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ عَشَرَةٌ. فَحِصَّةُ الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ ضَامِنًا عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ، وَيَلْزَمُ الثَّانِيَ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ جَرَحَا مَعًا وَذَفَّفَا) بِجُرْحِهِمَا (أَوْ أَزْمَنَا) بِهِ (فَلَهُمَا) الصَّيْدُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ بِجُرْحِهِمَا سَوَاءٌ تَفَاوَتَ الْجُرْحَانِ صِغَرًا وَكِبَرًا أَمْ لَا، كَانَ فِي الْمَذْبَحِ أَمْ لَا. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحَالِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) جَرَحَا مَعًا، وَ (ذَفَّفَ) فِي مَذْبَحٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ) أَيْ الْمُذَفِّفِ أَوْ الْمُزْمِنِ الصَّيْدُ لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآخَرِ لِوُقُوعِ جِرَاحَتِهِ حِينَ كَانَ مُبَاحًا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ جُهِلَ كَوْنُ التَّذْفِيفِ أَوْ الْإِزْمَانِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُمَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَحِلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ تَوَرُّعًا مِنْ مَظِنَّةِ الشُّبْهَةِ، فَلَوْ عُلِمَ تَأْثِيرُ أَحَدِهِمَا وَشُكَّ فِي تَأْثِيرِ الْآخَرِ وَقَفَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ أَوْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا قُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَسُلِّمَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِمَنْ أَثَّرَ جُرْحُهُ فَيَخْلُصُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّيْدِ، وَلِلْآخَرِ رُبْعُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْغَزَالِيِّ تَرْجِيحَهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي خِلَافًا لِمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ أَنَّهُ لَا وَقْفَ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحَالِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ) فِي غَيْرِ مَذْبَحٍ (وَأَزْمَنَ آخَرُ) مُرَتَّبًا (وَجُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (حَرُمَ) الصَّيْدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاجْتِمَاعِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ سَبْقُ التَّذْفِيفِ فَيَحِلُّ، أَوْ تَأَخُّرُهُ فَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ لَا يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْإِزْمَانِ. أَمَّا لَوْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَذْبَحِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ قَطْعًا وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْجُرْحَيْنِ مُهْلِكٌ لَوْ انْفَرَدَ، فَإِذَا جُهِلَ السَّابِقُ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ، فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُزْمِنُ لَهُ أَوَّلًا فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ.

فَإِنْ حَلَفَا اقْتَسَمَاهُ وَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَهُوَ لَهُ، وَلَهُ عَلَى النَّاكِلِ أَرْشُ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>