وَأَفْضَلُهَا بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ ضَأْنٌ ثُمَّ مَعْزٌ، وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ، وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارَكَةٍ فِي بَعِيرٍ.
وَشَرْطُهَا سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يَنْقُصُ لَحْمًا
ــ
[مغني المحتاج]
يَجُزْ عَنْهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَمْ يَخُصَّهُ سُبْعُ بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ إبِلٍ وَغَنَمٍ أَوْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ.
(وَأَفْضَلُهَا) أَيْ أَنْوَاعِ الْأُضْحِيَّةِ بِالنَّظَرِ لِإِقَامَةِ شِعَارِهَا (بَعِيرٌ) أَيْ بَدَنَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ لَحْمًا، وَالْقَصْدُ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ (ثُمَّ بَقَرَةٌ) ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الْبَدَنَةِ أَكْثَرُ مِنْ لَحْمِ الْبَقَرَةِ غَالِبًا، وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً» . قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَهَذِهِ مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَقَدْ رَأَيْتُهَا فِي الْمُحَرَّرِ، فَلَعَلَّ نُسَخَهُ مُخْتَلِفَةٌ (ثُمَّ ضَأْنٌ ثُمَّ مَعْزٌ) لِطِيبِ الضَّأْنِ عَلَى الْمَعْزِ وَبَعْدَ الْمَعْزِ الْمُشَارَكَةُ كَمَا سَيَأْتِي، فَالِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ بَعْدَ الْمَعْزِ سَاقِطٌ. أَمَّا بِالنَّظَرِ لِلَّحْمِ، فَلَحْمُ الضَّأْنِ خَيْرُهَا (وَسَبْعُ شِيَاهٍ) مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ (أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ) أَوْ بَقَرَةٍ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الْغَنَمِ أَطْيَبُ وَلِكَثْرَةِ الدَّمِ الْمُرَاقِ، وَقِيلَ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ أَفْضَلُ مِنْهُمَا لِكَثْرَةِ اللَّحْمِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ وَقَدْ يُؤَدِّي التَّعَارُضُ فِي مِثْل هَذَا إلَى التَّسَاوِي وَلَمْ يَذْكُرُوهُ (وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارَكَةٍ فِي بَعِيرٍ) لِلِانْفِرَادِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَطِيبِ اللَّحْمِ.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِي بَعِيرٍ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ: كَمَا لَوْ شَارَكَ وَاحِدٌ خَمْسَةً فِي بَعِيرٍ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْوَافِي تَفَقُّهًا، لَكِنَّ الشَّارِحَ قَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِقَدْرِهَا فَأَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى قَدْرِهَا يَكُونُ أَفْضَلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ ضَحَّى بِبَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ بَدَلَ شَاةٍ وَاجِبَةٍ فَالزَّائِدُ عَلَى السُّبْعِ تَطَوُّعٌ فَلَهُ صَرْفُهُ مَصْرِفَ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ مِنْ إهْدَاءٍ وَتَصَدُّقٍ.
تَنْبِيهٌ: اسْتِكْثَارُ الْقِيمَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِنَوْعٍ أَفْضَلُ مِنْ اسْتِكْثَارِ الْعَدَدِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ دِينَارٌ وَوَجَدَ بِهِ شَاةً سَمِينَةً وَشَاتَيْنِ دُونَهَا فَالشَّاةُ أَفْضَلُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَأَرَادَ عِتْقَ مَا يَشْتَرِي بِهَا فَعَبْدَانِ خَسِيسَانِ أَفْضَلُ مِنْ عَبْدٍ نَفِيسٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا اللَّحْمُ، وَلَحْمُ السَّمِينِ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ، وَالْمَقْصُودُ فِي الْعِتْقِ التَّخْلِيصُ مِنْ الرِّقِّ، وَتَخْلِيصُ عَدَدٍ أَوْلَى مِنْ تَخْلِيصِ وَاحِدٍ، وَكَثْرَةُ اللَّحْمِ خَيْرٌ مِنْ كَثْرَةِ الشَّحْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَحْمًا رَدِيئًا، وَأَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ السَّمِينِ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَاسْتَحَبُّوا تَسْمِينَهَا، فَالسَّمِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا. ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ فِي الذَّوَاتِ، وَأَمَّا فِي الْأَلْوَانِ، فَالْبَيْضَاءُ أَفْضَلُ، ثُمَّ الصَّفْرَاءُ، ثُمَّ الْعَفْرَاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَصْفُو بَيَاضُهَا، ثُمَّ الْحَمْرَاءُ، ثُمَّ الْبَلْقَاءُ، ثُمَّ السَّوْدَاءُ، قِيلَ لِلتَّعَبُّدِ، وَقِيلَ لِحُسْنِ الْمَنْظَرِ، وَقِيلَ لِطِيبِ اللَّحْمِ، وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ خَبَرَ «لَدَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» .
(وَشَرْطُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ الْمُجْزِئَةِ (سَلَامَةٌ مِنْ) كُلِّ (عَيْبٍ) بِهَا (يَنْقُصُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ بِخَطِّهِ (لَحْمًا) أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُؤْكَلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute