للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ، وَكَذَا إنْ قَالَ: جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ أَوْ ذَبْحِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الذَّبْحِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِلَا عُذْرٍ، وَخُرُوجُ بَعْضِهَا لَيْسَ بِتَقْصِيرٍ كَمَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمُوسَعِ لَا يَأْثَمُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا ذُهُولٌ عَمَّا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيهَا قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الذَّبْحِ وَلَمْ يَذْبَحْ حَتَّى تَلِفَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ، وَقَالَ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ إثْمِ مَنْ مَاتَ وَقْتَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ اهـ.

وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الضَّلَالِ وَالْإِتْلَافِ فَإِنَّهَا فِي الضَّلَالِ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا، بِخِلَافِهَا فِيمَا مَضَى لَا تُجْزِئُ.

وَالْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الضَّلَالِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ عَيَّنَ شَاةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ ذَبَحَ غَيْرَهَا مَعَ وُجُودِهَا فَفِي إجْزَائِهَا خِلَافٌ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.

وَلَوْ ضَلَّتْ هَذِهِ الْمُعَيَّنَةُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَذَبَحَ غَيْرَهَا أَجْزَأَتْهُ، فَإِنْ وَجَدَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ ذَبْحُهَا، بَلْ يَتَمَلَّكُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ) لِلتَّضْحِيَةِ (عِنْدَ الذَّبْحِ) لِلْأُضْحِيَّةٍ (إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ) أَمَّا اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُهَا عِنْدَ الذَّبْحِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْفِعْلِ، وَهَذَا وَجْهٌ.

وَالْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ جَوَازُ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا فِي تَقْدِيمِ النِّيَّةِ عَلَى تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ صُدُورُ النِّيَّةِ بَعْدَ تَعْيِينِ الْمَذْبُوحِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ حَيْثُ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ بَعْدَ إفْرَازِ الْمَالِ وَقَبْلَ الدَّفْعِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِذَلِكَ دُخُولُ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ لَا فَرْقَ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ (وَكَذَا إنْ) عَيَّنَ كَأَنْ (قَالَ: جَعَلْتُهَا) أَيْ الشَّاةَ مَثَلًا (أُضْحِيَّةً) يُشْتَرَطُ النِّيَّةُ عِنْدَ ذَبْحِهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَكْفِي تَعْيِينُهَا؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ فِيهَا. وَالثَّانِي قَالَ: يَكْفِي تَعْيِينُهَا.

تَنْبِيهٌ: مَا رَجَّحَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ فِي الْمُعَيَّنَةِ إذَا جَوَّزْنَا التَّقْدِيمَ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ.

تَنْبِيهٌ: لَا يُشْكَلُ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا سَبَقَ مِنْ التَّعْيِينِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ الْأُضْحِيَّةَ الْمُعَيَّنَةَ أَوْ الْهَدْيَ الْمُعَيَّنَ فُضُولِيٌّ فِي الْوَقْتِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَالِكُ اللَّحْمَ وَفَرَّقَهُ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِعْلُهُ كَرَدِّ الْوَدِيعَةِ، وَلِأَنَّ ذَبْحَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، فَإِذَا فَعَلَهُ غَيْرُهُ أَجْزَأَ كَإِزَالَةِ الْخَبَثِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَاكَ فِي التَّعْيِينِ بِالنَّذْرِ، وَهُنَا فِي التَّعْيِينِ بِالْجَعْلِ، وَهِيَ صِيغَةٌ مُنْحَطَّةٌ عَنْ صِيغَةِ النَّذْرِ (وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ) مَا يُضَحِّي بِهِ (أَوْ) عِنْدَ (ذَبْحِهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>