للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ يُذْبَحُ، وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ وَشُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا.

ــ

[مغني المحتاج]

النَّوْعُ الْخَامِسُ: الِانْتِقَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَيَتَصَدَّقُ) الْمُضَحِّي فِي أُضْحِيَّةٍ تَطَوَّعَ (بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ) كَمَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَمَا مَرَّ كَأَنْ يَجْعَلَهُ دَلْوًا أَوْ نَعْلًا أَوْ خُفًّا لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّصَدُّقُ بِهِ أَفْضَلُ، أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجِلْدِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

تَنْبِيهٌ: قَصْرُ الْمُصَنِّفِ الِانْتِفَاعَ عَلَى الْمُضَحِّي نَفْسِهِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ كَمَا مَرَّ وَبَيْعُهُ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» وَإِعْطَاؤُهُ أُجْرَةً لِلْجَزَّارِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ يَجُوزُ لَهُ إعَارَتُهُ كَمَا لَهُ إعَارَتُهَا كَمَا مَرَّ، وَالْقَرْنُ مِثْلُ الْجِلْدِ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَهُ جَزُّ صُوفٍ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَ إلَى الذَّبْحِ ضَرَّ بِهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لِانْتِفَاعِ الْحَيَوَانِ بِهِ فِي دَفْعِ الْأَذَى، وَانْتِفَاعِ الْمَسَاكِينِ بِهِ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَالتَّصَدُّقُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْجِلْدِ، وَكَالصُّوفِ فِيمَا ذُكِرَ الشَّعْرُ وَالْوَبَرُ (وَوَلَدُ) الْأُضْحِيَّةِ (الْوَاجِبَةِ) الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ أَوْ بِهِ، أَوْ عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ (يُذْبَحُ) حَتْمًا كَأُمِّهِ وَيُفَرَّقُ سَوَاءٌ مَاتَتْ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلَةً عِنْدَ التَّعْيِينِ أَمْ حَمَلَتْ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّضْحِيَةِ بِالْحَامِلِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُضَحِّي (أَكْلُ كُلِّهِ) قِيَاسًا عَلَى اللَّبَنِ، وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ تَرْجِيحِ الْغَزَالِيِّ وَقَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إنَّهُ الْأَصَحُّ، قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا قُلْنَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ الْوَاجِبَةِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَذْهَبَ مَنْعُ الْأَكْلِ مِنْهَا، وَالْغَزَالِيُّ مِمَّنْ يُجَوِّزُ الْأَكْلَ مِنْ الْمُعَيَّنَةِ، فَلِهَذَا جَوَّزَ أَكْلَ جَمِيعِ الْوَلَدِ، فَإِذًا الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْكِتَابِ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ مَا فِي الْكِتَابِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْأَكْلِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ مَنْعُ أَكْلِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ إنَّمَا يَجِبُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْوَلَدُ لَا يُسَمَّى أُضْحِيَّةً لِنَقْصِ سِنِّهِ وَإِنَّمَا لَزِمَ ذَبْحُهُ تَبَعًا، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى التَّابِعُ حُكْمَ الْمَتْبُوعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَكَمَا يَجُوزُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَكْلُ الْوَلَدِ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا كَذَلِكَ هَذَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ، وَقِيلَ يَكْفِي التَّصَدُّقُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِبَعْضِهِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ. أَمَّا وَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا فَيَجُوزُ أَكْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ وَلَدَ هَدْيٍ وَعَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ فَلْيَحْمِلْهُ عَلَى الْأُمِّ أَوْ غَيْرِهَا لِيَبْلُغَ الْحَرَمَ، وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَ) لَهُ (شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا) عَنْ وَلَدِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَيَدُلُّ لِلْجَوَازِ قَوْله تَعَالَى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} [الحج: ٣٣] . قَالَ النَّخَعِيُّ: إنْ احْتَاجَ إلَى ظَهْرِهَا رَكِبَ، وَإِنْ حَلَبَ لَبَنَهَا شَرِبَ، وَلَهُ سَقْيُ غَيْرِهِ بِلَا عِوَضٍ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَطْعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>