للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ، فَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ وَقَعَتْ لَهُ.

وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إذْنٍ.

وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

وَلَا عَنْ مَيِّتٍ إنْ لَمْ يُوصِ بِهَا.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْوَاجِبَةِ، وَلِذَا صَوَّرَهَا فِي الْمَجْمُوعِ بِالْمَنْذُورَةِ، ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ بِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ عَنْهَا فَكَيْفَ يَشْرَبُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ، وَالْمَنْقُولُ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاجِبَةِ وَغَيْرِهَا وَفَرَّقَ مَنْ مَنَعَ أَكْلَ وَلَدِ الْوَاجِبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُرْبِ اللَّبَنِ بِأَنَّ بَقَاءَ اللَّبَنِ مَعَهَا يَضُرُّهَا، وَبِأَنَّ اللَّبَنَ يَسْتَخْلِفُ مَعَ الْأَوْقَاتِ فَمَا يُتْلِفُهُ يَعُودُ فَيُسَامَحُ بِهِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ جَمَعَهُ لَفَسَدَ.

(وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ) كُلِّهِ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِيهَا وَضَحَّى وَكَانَ غَيْرَ مُكَاتَبٍ (وَقَعَتْ لَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تَقَعُ عَنْ السَّيِّدِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْعَبْدِ نِيَابَةً عَنْهُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ خُصُوصَ كَوْنِهَا مِنْ الْعَبْدِ بَطَلَ وَبَقِيَ عُمُومُ الْإِذْنِ لَهُ فِي التَّضْحِيَةِ فَوَقَعَتْ عَنْ السَّيِّدِ، أَوْ أَنَّ السَّيِّدَ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ فَوَّضَ النِّيَّةَ لِلْعَبْدِ فَنَوَى عَنْ السَّيِّدِ.

(وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَقَعَتْ التَّضْحِيَةُ عَنْ الْمُكَاتَبِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ. أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَيُضَحِّي بِمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا يَمْلِكُهُ كَالْحُرِّ الْكَامِلِ.

(وَلَا تَضْحِيَةَ) أَيْ لَا تَقَعُ (عَنْ الْغَيْرِ) الْحَيِّ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا تُفْعَلَ عَنْ الْغَيْرِ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ.

تَنْبِيهٌ: اُسْتُثْنِيَ مِنْ هَذَا صُوَرٌ: إحْدَاهَا تَضْحِيَةُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ تَحْصُلُ بِهَا سُنَّةُ الْكِفَايَةِ لَهُمْ كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْ بَقِيَّتِهِمْ إذْنٌ، وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْعُدَّةِ: لَوْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِ أُضْحِيَّتِهِ وَذَبَحَ عَنْ نَفْسِهِ جَازَ.

ثَانِيهَا الْمُعَيَّنَةُ بِالنَّذْرِ إذَا ذَبَحَهَا أَجْنَبِيٌّ وَقْتَ التَّضْحِيَةِ فَإِنَّهَا تَقَعُ الْمَوْقِعَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، فَيُفَرِّقُ صَاحِبَهَا لَحْمَهَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الصَّرْفِ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِعْلُهُ كَرَدِّ الْوَدِيعَةِ، وَلِأَنَّ ذَبْحَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ، فَإِذَا فَعَلَهُ غَيْرُهُ أَجْزَأَهُ.

ثَالِثًا تَضْحِيَةُ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ: أَيْ عِنْدَ سَعَتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.

رَابِعُهَا تَضْحِيَةُ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَحَاجِيرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْأَصْحَابِ، وَلَا تَصِحُّ التَّضْحِيَةُ عَنْ الْحَمْلِ كَمَا لَا يُخْرَجُ عَنْهُ الْفِطْرَةُ، وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ فَأَفْهَمَ جَوَازَهَا عَنْهُمْ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ، حَيْثُ امْتَنَعَتْ، فَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ مُعَيَّنَةً وَقَعَتْ عَنْ الْمُضَحِّي، وَإِلَّا فَلَا.

(وَلَا) تَضْحِيَةَ (عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ بِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] فَإِنْ أَوْصَى بِهَا جَازَ، فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيِّ وَالْحَاكِمِ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَكَبْشَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنِي أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ، فَأَنَا أُضَحِّي عَنْهُ أَبَدًا» ، لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>