للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ، وَعَضٌّ، وَخَنْقٌ، وَنَتْفُ شَعَرٍ ضَرْبًا، قِيلَ وَلَا لَطْمٌ وَوَكْزٌ، أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ، أَوْ تَرَاكَمَ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ قُلْت: وَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ،

ــ

[مغني المحتاج]

فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ (وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَى ضَرْبِهِ (وَ) لَا (عَضٌّ، وَ) لَا (خَنِقٌ) بِكَسْرِ النُّونِ بِخَطِّهِ مَصْدَرُ خَنَقَهُ: عَصْرُ عُنُقِهِ (وَنَتْفُ شَعَرٍ) بِفَتْحِ عَيْنِهِ (ضَرْبًا) فَلَا يَبِرُّ الْحَالِفُ عَلَى ضَرْبِ زَيْدٍ مَثَلًا بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى ضَرْبًا عُرْفًا، وَيَصِحُّ نَفْيُهُ عَنْهُ (قِيلَ: وَلَا لَطْمٌ) وَهُوَ ضَرْبُ الْوَجْهِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ (وَ) لَا (وَكْزٌ) وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ مُطَبَّقَةً. قَالَ تَعَالَى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: ١٥] أَيْ لَا يُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمَا ضَرْبًا، وَالْأَصَحُّ يُسَمَّى، وَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّفْسُ وَاللَّكْمُ أَوْ الصَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ وَبِرِجْلِهِ، وَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَسْمَاءُ الضَّرْبِ.

تَنْبِيهٌ: يَبِرُّ الْحَالِفُ بِضَرْبِ السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُمْ مَحَلٌّ لِلضَّرْبِ، لَا بِضَرْبِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لَهُ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ، أَوْ) مِائَةَ (خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً) مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ السِّيَاطِ أَوْ الْخَشَبِ (وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً) وَاحِدَةً بَرَّ لِوُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَلَا تَكْفِي السِّيَاطُ عَنْ الْخَشَبِ وَعَكْسِهِ (أَوْ) ضَرَبَهُ (بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ: أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الْعِثْكَالِ (مِائَةُ شِمْرَاخٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ (بَرَّ) الْحَالِفُ (إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ) مِنْ الشَّمَارِيخِ بِأَنْ عَايَنَ إصَابَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالضَّرْبِ بِأَنْ بَسَطَهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ كَالْحَصِيرِ (أَوْ تَرَاكَمَ بَعْضٌ) مِنْهَا (عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ) أَيْ الْمَضْرُوبَ بِهَا (أَلَمُ الْكُلِّ) أَيْ ثِقَلُهُ فَإِنَّهُ يَبِرُّ أَيْضًا، وَإِنْ حَالَ ثَوْبٌ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا لَا يَمْنَعُ تَأَثُّرَ الْبَشَرَةِ بِالضَّرْبِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤] فَإِنَّ الضِّغْثَ هُوَ الشَّمَارِيخُ الْقَائِمَةُ عَلَى السَّاقِ، وَيُسَمَّى الْعِثْكَالَ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ شَرْعُ مِنْ قَبْلِنَا، فَقَدْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا تَقْرِيرُهُ فِي قِصَّةِ الزَّانِي الضَّعِيفِ كَمَا قَدَّمْنَاهَا فِي بَابِ الزِّنَا، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ، هَلْ هُوَ شَرْعٌ لَنَا أَوْ لَا؟ وَقَدَّمْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الْجِعَالَةِ وَغَيْرِهِ.

تَنْبِيهٌ: اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ يَبِرُّ فِي قَوْلِهِ: مِائَةَ سَوْطٍ بِالْعُثْكَالِ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا يَبِرُّ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سِيَاطًا، وَإِنَّمَا يَبِرُّ بِسِيَاطِ مَجْمُوعَةٍ بِشَرْطِ عِلْمِهِ إصَابَتَهَا بَدَنُهُ عَلَى مَا مَرَّ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَيْضًا إنْ تَرَاكَمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ مَعَ الشَّدِّ كَيْفَ كَانَ يَحْصُلُ بِهِ أَلَمُ الثِّقَلِ؟ وَلَكِنْ صَوَّرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِأَنْ تَكُونَ مَشْدُودَةَ الْأَسْفَلِ مَحْلُولَةَ الْأَعْلَى وَاسْتُحْسِنَ (قُلْت: وَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ الْإِصَابَةُ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَلَكِنَّ الْوَرَعَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>