أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبِرَّ بِهَذَا.
أَوْ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ، قُلْت: الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ فَارَقَهُ أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ وَكَانَا مَاشِيَيْنِ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ احْتَالَ عَلَى غَرِيمٍ ثُمَّ فَارَقَهُ أَوْ أَفْلَسَ فَفَارَقَهُ لِيُوسِرَ حَنِثَ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَخَلُّفِ بَعْضِهَا، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ الْيَوْمَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَلَمْ يَدْخُلْ وَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ حَيْثُ يَحْنَثُ عَلَى النَّصِّ بِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ، وَالْمَشِيئَةِ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَخَرَجَ قَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ.
تَنْبِيهٌ: الشَّكُّ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنْ تَرَجَّحَ عَدَمُ إصَابَةِ الْكُلِّ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمَ الْبِرِّ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبِرَّ بِهَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ الْعِثْكَالِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَدَدَ لِلضَّرَبَاتِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مِائَةُ ضَرْبَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ يُسَمَّى ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَهَلْ يُشْتَرَطُ التَّوَالِي فِي ذَلِكَ أَوْ لَا، ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ، وَابْنِ الصَّلَاحِ الثَّانِي، وَهُوَ أَوْجَهُ.
(أَوْ) قَالَ لِغَرِيمِهِ: وَاَللَّهِ (لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ) حَقِّي مِنْك (فَهَرَبَ) مِنْهُ غَرِيمُهُ (وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ) لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ (قُلْت: الصَّحِيحُ) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ) وَلَمْ يَتَّبِعْهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُفَارَقَةِ مَا يَقْطَعُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ بِالْمَقَامِ مُفَارِقٌ (وَإِنْ فَارَقَهُ) الْحَالِفُ مُخْتَارًا ذَاكِرًا لِلْيَمِينِ (أَوْ) لَمْ يُفَارِقْهُ بَلْ (وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ) غَرِيمُهُ (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ) وَهَذِهِ مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ (أَوْ أَبْرَأَهُ) الْحَالِفُ مِنْ الْحَقِّ (أَوْ احْتَالَ) بِهِ (عَلَى غَرِيمٍ) لِلْغَرِيمِ أَوْ أَحَالَ هُوَ بِهِ عَلَى غَرِيمِهِ (ثُمَّ فَارَقَهُ، أَوْ أَفْلَسَ) أَيْ ظَهَرَ أَنْ غَرِيمَهُ مُفْلِسٌ (فَفَارَقَهُ لِيُوسِرَ) وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَى أَنْ يُوسِرَ (حَنِثَ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ وَلِتَفْوِيتِهِ فِي الثَّالِثَةِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَفِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ الْحَوَالَةَ وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ اسْتِيفَاءٌ فَلَيْسَتْ اسْتِيفَاءً حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هِيَ كَالِاسْتِيفَاءِ فِي الْحُكْمِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ وَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِحَقِّهِ، فَحِينَئِذٍ يَنْبَنِي الْأَمْرُ عَلَى مَا قَصَدَهُ وَلَا يَحْنَثُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَلِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ وَاجِبًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْفَرْضَ فَصَلَّى، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً، فَإِنْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِمُفَارَقَتِهَا، فَعَلَى قَوْلَيْ الْمُكْرَهِ، وَالْأَصَحُّ لَا حِنْثَ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَكَانَا مَاشِيَيْنِ عَمَّا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ وَابْتَدَأَ الْغَرِيمُ بِالْمَشْيِ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ الْمَشْيُ، وَهُوَ فِعْلُ الْغَرِيمِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ اسْتَوْفَى مِنْ وَكِيلِ غَرِيمِهِ أَوْ مِنْ مُتَبَرِّعٍ بِهِ وَفَارَقَهُ حَنِثَ إنْ كَانَ قَالَ مِنْك، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ، فَإِنْ قَالَ: لَا تُفَارِقُنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك حَقِّي أَوْ حَتَّى تُوفِيَنِي حَقِّي فَفَارَقَهُ الْغَرِيمُ عَالِمًا مُخْتَارًا حَنِثَ الْحَالِفُ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ فِرَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِ الْغَرِيمِ وَهُوَ مُخْتَارٌ فِي الْمُفَارَقَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute