للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ اسْتَوْفَى وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، لَكِنَّهُ أَرْدَأُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا حَنِثَ عَالِمٌ، وَفِي غَيْرِهِ الْقَوْلَانِ.

أَوْ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَرَأَى وَتَمَكَّنَ فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ، وَيُحْمَلُ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ، فَإِنْ عُزِلَ فَالْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي،

ــ

[مغني المحتاج]

فَإِنْ نَسِيَ الْغَرِيمُ الْحَلِفَ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْمُفَارَقَةِ فَفَارَقَ فَلَا حِنْثَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَوْ فَرَّ الْحَالِفُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ أَمْكَنَهُ مُتَابَعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِهِ، فَإِنْ قَالَ: لَا نَفْتَرِقُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك حَقِّي حَنِثَ بِمُفَارَقَةِ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ عَالِمًا مُخْتَارًا، وَكَذَا إنْ قَالَ لَا افْتَرَقْنَا حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك لِصِدْقِ الِافْتِرَاقِ بِذَلِكَ، فَإِنْ فَارَقَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ (وَإِنْ) (اسْتَوْفَى) الْحَالِفُ حَقَّهُ مِنْ غَرِيمِهِ (وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ) أَيْ مَا اسْتَوْفَاهُ (نَاقِصًا) نَظَرْت (إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، لَكِنَّهُ أَرْدَأُ) مِنْهُ (لَمْ يَحْنَثْ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّدَاءَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ قَلِيلًا يَتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ أَوْ كَثِيرًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَيَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِالْأَوَّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسَ حَقِّهِ بِأَنْ كَانَ دَرَاهِمَ خَالِصَةً فَخَرَجَ مَا أَخَذَ مَغْشُوشًا أَوْ نُحَاسًا (حَنِثَ عَالِمٌ) بِحَالِ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ لِلْمُفَارَقَةِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ (وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ الْعَالِمِ، وَهُوَ الْجَاهِلُ بِالْحَالِ (الْقَوْلَانِ) فِي حِنْثِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي، أَظْهَرُهُمَا لَا حِنْثَ، وَالتَّعْرِيفُ فِي الْقَوْلَيْنِ لِلْعَهْدِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ، فَقَوْلُ ابْنِ شُهْبَةَ: وَلَا عَهْدَ مُقَدَّمٌ يُحِيلُ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ حَلَفَ الْغَرِيمُ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُوفِيَك حَقَّك فَسَلَّمَهُ لَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا لَمْ يَحْنَثْ أَوَّلًا، اسْتَوْفَيْت حَقَّك مِنِّي فَأَخَذَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا لَمْ يَحْنَثْ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَهُ عَالِمًا مُخْتَارًا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا.

(أَوْ) حَلَفَ (لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي) أَوْ لَا أَرَى لُقَطَةً أَوْ ضَالَّةً إلَّا رَفَعَهَا إلَيْهِ (فَرَأَى) الْحَالِفُ ذَلِكَ (وَتَمَكَّنَ) مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ (فَلَمْ يَرْفَعْ) ذَلِكَ (حَتَّى مَاتَ) الْحَالِفُ (حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الرَّفْعِ، بَلْ لَهُ الْمُهْلَةُ مُدَّةَ عُمْرِهِ وَعُمْرِ الْقَاضِي، فَمَتَى رَفَعَهُ إلَيْهِ بَرَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّفْعِ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا بِذَلِكَ فَيُخْبِرَهُ، لِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ إخْبَارُهُ، وَالْإِخْبَارُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَلَوْ رَأَى الْمُنْكَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِهِ؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهَلْ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا رَأَى الْقَاضِيَ يَتَعَاطَى الْمُنْكَرَ أَوْ يُقَالُ مِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ لَا يَتَنَاوَلُ الْقَاضِي؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَيَظْهَرُ الثَّانِي (وَيُحْمَلُ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى التَّعْرِيفِ بِأَلْ (فَإِنْ عُزِلَ) قَاضِي الْبَلَدِ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ (فَالْبِرُّ) يَحْصُلُ (بِالرَّفْعِ إلَى) الْقَاضِي (الثَّانِي) وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَوْجُودِ حَالَةَ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ لِلْجِنْسِ، وَيُشْتَرَطُ فِي رَفْعِ الْمُنْكَرِ إلَى الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَبَرَّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إقَامَةُ مُوجِبِهِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ قَاضِيَانِ، كَفَى الرَّفْعُ إلَى أَحَدِهِمَا، وَإِنْ اخْتَصَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنَاحِيَةٍ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>