للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ إلَّا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ، أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَرَآهُ ثُمَّ عُزِلَ فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا حَنِثَ إنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فَتَرَكَهُ وَإِلَّا فَكَمُكْرَهٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بَرَّ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ

[فَصْلٌ] حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي فَعَقَدَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ حَنِثَ،

ــ

[مغني المحتاج]

فِي قَوْلِهِ فَإِنْ اخْتَصَّ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ قَاضِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا فَاعِلُ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ إذَا دَعَاهُ، إذْ رَفَعَ الْمُنْكَرَ إلَى الْقَاضِي مَنُوطٌ بِإِخْبَارِهِ بِهِ كَمَا مَرَّ لَا بِوُجُوبِ إجَابَةِ فَاعِلِهِ (أَوْ) حَلَفَ لَا رَأَى مُنْكَرًا (إلَّا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ) (بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ) فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ لِصِدْقِ الِاسْمِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَاضِيًا حَالَ الْيَمِينِ أَمْ وُلِّيَ بَعْدَهُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ (أَوْ) إلَّا رَفَعَهُ (إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ) هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ اسْمِ عَلَمٍ لِمَنْ يَعْقِلُ، وَمَعْنَاهُ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ (فَرَآهُ) أَيْ الْمُنْكَرَ (ثُمَّ) لَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى (عُزِلَ) الْقَاضِي (فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا حَنِثَ إنْ) رَأَى الْمُنْكَرَ وَ (أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ) إلَيْهِ (فَتَرَكَهُ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، إنَّهُ إذَا عُزِلَ لَمْ يَبِرَّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَعْزُولٌ وَلَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَ تَمَكَّنَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا وُلِّيَ ثَانِيًا وَالْيَمِينُ عَلَى التَّرَاخِي، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يُوَلَّى بَانَ الْحِنْثُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ هُنَا بِدَوَامِ كَوْنِهِ قَاضِيًا وَالدَّيْمُومَةُ تَنْقَطِعُ بِالْعَزْلِ، وَغَفَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَنْ ذَلِكَ.

فَأَجَابَ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى عَزْلٍ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُهُ إلَيْهِ (فَكَمُكْرَهٍ) وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ الْحِنْثِ.

تَنْبِيهُ: جُعِلَا مِنْ صُوَرِ عَدَمِ الْإِمْكَانِ الْمَرَضُ وَالْحَبْسُ وَمَا إذَا جَاءَ إلَى بَابِ الْقَاضِي فَحُجِبَ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنْ يَحْنَثَ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَإِنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) مَا دَامَ قَاضِيًا (بَرَّ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ) قَطْعًا إنْ نَوَى عَيْنَهُ وَذَكَرَ الْقَضَاءَ لِلتَّعْرِيفِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ إنْ أَطْلَقَ نَظَرَ إلَى التَّعْيِينِ وَوَجْهِ مُقَابَلَةِ النَّظَرِ إلَى الصِّفَةِ.

[فَصْلٌ] فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا:

إذَا (حَلَفَ) شَخْصٌ أَنَّهُ (لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي) مَثَلًا وَأَطْلَقَ (فَعَقَدَ لِنَفْسِهِ) حَنِثَ قَطْعًا لِصُدُورِ الْفِعْلِ مِنْهُ (أَوْ غَيْرِهِ) بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ (حَنِثَ) عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ يَشْمَلُهُ.

تَنْبِيهٌ: مُطْلَقُ الْحَلِفِ عَلَى الْعُقُودِ يَنْزِلُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْهَا، فَلَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ يُخَالِفْ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ فَنَكَحَ فَاسِدًا، فَإِنَّهُ أَوْجَبَ فِيهَا الْمَهْرَ، كَمَا يَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>