للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ.

أَوْ صَدَقَةً فِيمَا كَانَ.

ــ

[مغني المحتاج]

أَقَلَّ مَا وَجَبَ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءُ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

أُجِيبَ بِمَنْعِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ وُجُوبِ يَوْمٍ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَعِنْدَ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ، وَبُلُوغِ الصَّبِيِّ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ نَذَرَ صَوْمًا كَثِيرًا أَوْ طَوِيلًا لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ كَمَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ حِينًا أَوْ دَهْرًا (أَوْ) نَذَرَ (أَيَّامًا) أَيْ صَوْمَهَا (فَثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، أَوْ شُهُورًا فَقِيَاسُهُ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ: أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا لِكَوْنِهِ جَمْعَ كَثْرَةٍ، وَلَوْ عَرَّفَ الْأَشْهُرَ احْتَمَلَ ذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ إرَادَةَ السَّنَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَجِبُ التَّبْيِيتُ فِي صَوْمِ النَّذْرِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكُ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَلَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ صَحَّ إنْ كَانَ صَوْمُهُ أَفْضَلَ مِنْ فِطْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا.

(أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً فِيمَا) أَيْ تَصَدَّقَ بِأَيِّ شَيْءٍ (كَانَ) مِمَّا يُتَمَوَّلُ كَدَانِقٍ وَدُونَهُ لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا يَتَقَدَّرُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ كَمَا أَنَّهُ أَقَلُّ وَاجِبٍ فِي زَكَاةِ الْمَالِ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْخُلَطَاءَ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي نِصَابٍ فَيَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ قَلِيلٌ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ عَظِيمٍ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فِي تَعْلِيقِهِ: لَا يَتَقَدَّرُ بِشَيْءٍ، وَأَيُّ قَدْرٍ تَصَدَّقَ بِهِ أَجْزَأَهُ، قَالَ: وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ يُوجِبُ فِيهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الصَّدَقَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْء، كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُحِبَّ الْفُقَرَاءَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّدَقَةُ اهـ.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِدِرْهَمٍ خُبْزًا لِلتَّصَدُّقِ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِخُبْزٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ إنَّمَا هِيَ التَّصَدُّقُ لَا الشِّرَاءُ.

فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: مَالِي صَدَقَةٌ، أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَغْوٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ الْتِزَامٍ، فَإِنْ عَلَّقَ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ بِدُخُولٍ مَثَلًا كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَالِي صَدَقَةٌ فَنَذْرُ لَجَاجٍ. فَإِمَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ بِهِ مَرْغُوبًا فِيهِ كَقَوْلِهِ: إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ دُخُولَ الدَّارِ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَرَادَ ذَلِكَ فَمَالِي صَدَقَةٌ فَيَجِبُ التَّصَدُّقَ عَيْنًا؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ، وَلَوْ قَالَ بَدَلُ صَدَقَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ عَلَى الْغُزَاةِ.

وَلَوْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَلْفٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا بِاللَّفْظِ وَلَا بِالنِّيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَسَاكِينَ وَلَا دَرَاهِمَ وَلَا تَصَدُّقًا وَلَا غَيْرَهَا وَلَوْ نَوَى التَّصَدُّقَ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَكَذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ وَيُعَيِّنَ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ.

وَلَوْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَشُفِيَ وَالْمَرِيضُ فَقِيرٌ، فَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ جَازَ إعْطَاؤُهُ مَا لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَالزَّكَاةِ، وَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ الْغَنِيِّ جَازَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ جَائِزَةٌ وَقُرْبَةٌ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ مَثَلًا عَلَى أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>