إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَفِي قَوْلٍ: " وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى ". قُلْت: الْأَظْهَرُ تَعْيِينُهُمَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا فَيَوْمٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
النَّفْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَدَاءَ الْفَرِيضَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ (إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) إذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ فِيهِ فَيَتَعَيَّنُ لِعِظَمِ فَضْلِهِ وَتَعَلُّقِ النُّسُكِ وَصَحَّ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ جَمِيعُ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الطَّوَافِ فَقَطْ، جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ حَرَمَ مَكَّةَ كَمَسْجِدِهَا فِي الْمُضَاعَفَةِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ فَصَلَّى فِي أَطْرَافِ الْمَسْجِدِ خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ، لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكَعْبَةِ زِيَادَةَ فَضِيلَةِ (وَفِي قَوْلٍ: وَ) إلَّا (مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى) فَيَتَعَيَّنَانِ لِلصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ فِيهِمَا (قُلْت: الْأَظْهَرُ) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (تَعْيِينُهُمَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِ الثَّلَاثَةِ فِي عِظَمِ الْفَضِيلَةِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِيهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا ادَّعَاهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ مَمْنُوعٌ نَقْلًا وَدَلِيلًا، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ، لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِمَا وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَوْ صَلَّى مَا نَذَرَهُ بِالْمَسْجِدَيْنِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَيَقُومُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى، وَلَا عَكْسَ عَلَى النَّصِّ وَسَكَتَ عَنْ نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ لِتَقَدُّمِهِ فِي بَابِهِ.
تَنْبِيهٌ: لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ عَنْ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَلَوْ نَذَرَ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ صَلَاةً لَا تَجْزِيهِ أَلْفُ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ عَدَلَتْ بِهَا كَمَا أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فَقَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] لَا تَجْزِيهِ، وَإِنْ عَدَلَتْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَلَا يَلْحَقُ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدُ قُبَاءَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ صَلَاةً فِيهِ كَعُمْرَةٍ.
ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي فُرُوعٍ يُظْهِرُ بِهَا أَنَّ النَّذْرَ هَلْ يُسْلَكُ بِهِ وَاجِبُ الشَّرْعِ أَوْ جَائِزُهُ؟
وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى، وَرَجَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ الثَّانِيَ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ تَرْجِيحُ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ، وَبَدَأَ مِنْ تِلْكَ الْفُرُوعِ بِنَذْرِ الصَّوْمِ. فَقَالَ (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِعَدَدٍ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ (فَيَوْمٌ) يُحْمَلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ اسْمُ جِنْسٍ يَقَعُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ، وَالصَّوْمُ لَا يَكُونُ أَقَلُّ مِنْهُ وَالْمُتَيَقِّنُ يَوْمٌ فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْتَفِيَ بِهِ إذَا حَمَلْنَا النَّذْرَ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ، فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute