للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ.

أَوْ صَوْمًا فِي بَلَدٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَكَذَا صَلَاةً

ــ

[مغني المحتاج]

مِنْهُمَا تَصَدَّقَ بِالْفَاضِلِ دَرَاهِمَ، فَإِنْ عُدِمَتْ الْبَقَرَةُ اشْتَرَى سَبْعَ شِيَاهٍ بِقِيمَةِ الْبَدَنَةِ، وَلَوْ وَجَدَ بِقِيمَةِ الْبَدَنَةِ ثَلَاثَ شِيَاهٍ أَتَمَّ السَّبْعَةَ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ نَذَرَ شَاةً فَذَبَحَ بَدَلَهَا بَدَنَةً أَجْزَأَهُ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ، وَمَحِلُّهُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إذَا نَذْرَهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَقْتَضِيه الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَفِي كَوْنِ كُلِّهَا فَرْضًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، عَلَى اضْطِرَابٍ فِيهِ.

(أَوْ) نَذَرَ (التَّصَدُّقَ) بِشَيْءٍ (عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ) مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا (لَزِمَهُ) ذَلِكَ وَفَاءً بِالْتِزَامِهِ وَصَرْفِهِ لِمَسَاكِينِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ كَالزَّكَاةِ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَهْلِ الْبَلَدِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى التَّخْصِيصِ بِالْمَسَاكِينِ، وَصَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِ جَوَازِ وَضْعِ الْمَنْذُورِ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَقَدْ يُفْهِمُ أَيْضًا أَنَّ غَيْرَ الْحَرَمِ لَا يُنْذَرُ فِيهِ إلَّا التَّصَدُّقُ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَوْ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ بِهِ تَعَيَّنَ ذَبْحُهَا مَعَ التَّفْرِقَةِ فِيهِ لِتَضَمُّنِهَا التَّفْرِقَةَ فِيهِ، وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ وَالتَّفْرِقَةَ أَوْ نَوَاهَا بِبَلَدٍ غَيْرِ الْحَرَمِ تَعَيَّنَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَسِيلَةٌ إلَى التَّفْرِقَةِ الْمَقْصُودَةِ، فَلَمَّا جَعَلَ مَكَانَهُ مَكَانَهَا اقْتَضَى تَعَيُّنَهُ تَبَعًا.

وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ فِي الْحَرَمِ وَالتَّفْرِقَةَ فِي غَيْرِهِ تَعَيَّنَ الْمَكَانَانِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قُرْبَةٌ، وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَوْ بِسِكِّينٍ وَلَوْ مَغْصُوبًا وَنَذَرَ التَّفْرِقَةَ فِيهَا فِي الْحَرَمِ تَعَيَّنَ مَكَانُ التَّفْرِقَةِ فَقَطْ إذْ لَا قُرْبَةَ فِي الذَّبْحِ خَارِجَ الْحَرَمِ وَلَا فِي الذَّبْحِ بِسِكِّينٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ، وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ بِالْحَرَمِ فَقَطْ لَزِمَهُ النَّحْرُ بِهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الذَّبْحِ فِي النَّذْرِ مُضَافًا إلَى الْحَرَمِ يُشْعِرُ بِالْقُرْبَةِ، وَلِأَنَّ الذَّبْحَ فِيهِ عِبَادَةٌ مَعْهُودَةٌ وَلَزِمَهُ التَّفْرِقَةُ فِيهِ حَمْلًا عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ.

وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ بِأَفْضَلَ بَلَدٍ تَعَيَّنَتْ مَكَّةَ لِلذَّبْحِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْبِلَادِ.

وَلَوْ نَذَرَ لِمُعَيَّنٍ بِدَرَاهِمَ مَثَلًا كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ النَّاذِرِ بِهَا إنْ لَمْ يُعْطِهِ كَالْمَحْصُورِينَ مِنْ الْفُقَرَاءِ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالزَّكَاةِ الَّتِي وَجَبَتْ، فَإِنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ بَرِئَ النَّاذِرُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ النَّذْرِ، وَأَيْضًا الزَّكَاةُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَأُجْبِرُوا عَلَى قَبُولِهَا خَوْفَ تَعْطِيلِهِ بِخِلَافِ النَّذْرِ.

(أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا فِي بَلَدٍ) مَثَلًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) أَيْ الصَّوْمُ فِيهِ فَلَهُ الصَّوْمُ فِي غَيْرِهِ، سَوَاءٌ الْحَرَمُ وَغَيْرُهُ كَمَا أَنَّ الصَّوْمَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ جُبْرَانٍ وَاجِبِ الْإِحْرَامِ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ، وَقِيلَ: إنْ عَيَّنَ الْحَرَمَ تَعَيَّنَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ رَجَّحَ أَنَّ جَمِيعَ الْقُرَبِ تَتَضَاعَفُ فِيهِ، فَالْحَسَنَةُ فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَالتَّضْعِيفُ قُرْبَةٌ (وَكَذَا) (صَلَاةً) نَذَرَهَا فِي بَلَدٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهَا وَيُصَلِّي فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ صَلَاةَ الْفَرَائِضِ إذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي مَسْجِدٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهَا مَسْجِدٌ، وَإِنْ عَيَّنَهُ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي مَسْجِدٍ بِنَاءً عَلَى صِفَاتِهَا تَفَرَّدَ بِالِالْتِزَامِ بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>