للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ تَعَيُّنٍ، وَمَا لَوْ نَوَى النَّاذِرُ اخْتِصَاصَ الْكَعْبَةِ بِالْمَنْذُورِ، فَإِنْ كَانَ شَمْعًا أَشْعَلَهُ فِيهَا، أَوْ دُهْنًا أَوْقَدَهُ فِي مَصَابِيحِهَا، أَوْ طِيبًا طَيَّبَهَا بِهِ، أَوْ مَتَاعًا لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهَا بَاعَهُ وَصَرَفَ ثَمَنَهُ فِي مَصَالِحِهَا. أَمَّا إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا أَوْ أَنْ أُضَحِّيَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ حَمْلًا عَلَى مَعْهُودِ الشَّرْعِ، فَإِنْ عَيَّنَ عَنْ نَذْرِهِ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً تَعَيَّنَتْ بِشُرُوطِ الْأُضْحِيَّةِ، فَلَا يُجْزِئُ فَصِيلٌ وَلَا عِجْلٌ وَلَا سَخْلَةٌ.

وَإِنْ تَعَيَّبَ الْهَدْيُ الْمَنْذُورُ أَوْ الْمُعَيَّنُ عَنْ نَذْرِهِ تَحْتَ السِّكِّينِ عِنْدَ الذَّبْحِ لَمْ يَجُزْ كَالْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ مَا لَمْ يُذْبَحْ، وَقِيلَ يُجْزِئُ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ، وَبِالْوُصُولِ إلَيْهِ حَصَلَ الْإِهْدَاءُ، وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ نَقْلِ الْهَدْيِ إلَى الْحَرَمِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْهَدْيِ قَالَ تَعَالَى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ بَعْضُهُ لِنَقْلِ الْبَاقِي كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَزِمَهُ تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ فِيهِ عَلَى مَسَاكِينِهِ، وَفِي الْإِبَانَةِ أَنَّهُ إنْ قَالَ أُهْدِي هَذَا فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: جَعَلْته هَدْيًا فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَجْلِ مُؤْنَةِ النَّقْلِ، وَنَسَبَهُ فِي الْبَحْرِ لِلْقَفَّالِ وَاسْتَحْسَنَهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنَّ مُقْتَضَى جَعْلِهِ هَدْيًا أَنْ يُوصِلَهُ كُلَّهُ الْحَرَمَ فَلْيَلْتَزِمْ مُؤْنَتَهُ كَمَا لَوْ قَالَ أُهْدِي اهـ.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا عَلَفُ الْحَيَوَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاةً مَثَلًا وَنَوَى ذَاتَ عَيْبٍ أَوْ سَخْلَةً أَجْزَأَهُ هَذَا الْمَنْوِيُّ لِأَنَّهُ الْمُلْتَزَمُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ حَيًّا، فَإِنْ أَخْرَجَ بَدَلَهُ تَامًّا فَهُوَ أَفْضَلُ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إهْدَاءُ مَا ذُكِرَ إلَى أَغْنِيَاءِ الْحَرَمِ، نَعَمْ لَوْ نَذَرَ نَحْرَهُ لَهُمْ خَاصَّةً، وَاقْتَرَنَ بِهِ نَوْعٌ مِنْ الْقُرْبَةِ كَأَنْ تَتَأَسَّى بِهِ الْأَغْنِيَاءُ لَزِمَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ أَهْدَى شَيْئًا مِنْ الْبُدْنِ أَوْ الْبَقَرِ أَنْ يُشْعِرَهَا أَيْ يَجْرَحَهَا بِشَيْءٍ لَهُ حَدٌّ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْيُمْنَى وَأَنْ يُقَلِّدَهَا بِعُرَى الْقُرَبِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْخُيُوطِ الْمَفْتُولَةِ وَالْجُلُودِ، وَيُقَلِّدَ الْغَنَمَ وَلَا يُشْعِرَهَا، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ هَدْيٌ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ، فَإِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ الْمَحِلِّ نَحَرَهُ وُجُوبًا فِي الْمَنْذُورِ، وَنَدْبًا فِي غَيْرِهِ وَغَمَسَ الْمُقَلَّدَ بِهِ فِي دَمِهِ وَضَرَبَ بِهِ صَفْحَتَهُ، وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي التَّطَوُّعِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِرُفْقَتِهِ الْأَكْلُ مِنْ الْمَنْذُورِ، وَالْمُرَادُ بِرُفْقَتِهِ جَمِيعُ الْقَافِلَةِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَرْهُ حَتَّى مَاتَ مَعَ تَمَكُّنِهِ ضَمِنَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ حِينَئِذٍ وَمِنْ مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّبْحِ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِبَدَنَةٍ وَقَيَّدَهَا بِالْإِبِلِ أَوْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ تَعَيَّنَتْ الْبَدَنَةُ مِنْ الْإِبِلِ لِأَنَّهَا وَإِنْ أُطْلِقَتْ عَلَى الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ أَيْضًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَهِيَ فِي الْإِبِلِ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا، فَإِنْ عُدِمَتْ وَقَدْ أَطْلَقَ نَذْرَهُ فَبَقَرَةٌ، فَإِنْ عُدِمَتْ فَسَبْعُ شِيَاهٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْبَقَرَةِ وَالسَّبْعِ شِيَاهٍ، وَإِنْ عُدِمَتْ وَقَدْ قَيَّدَ نَذْرَهُ بِهَا لَفْظًا أَوْ نِيَّةً وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا بَقَرَةً، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ عَدَمَ اعْتِبَارِ قِيمَتِهَا حَالَةَ الْإِطْلَاقِ، بَلْ اللَّفْظُ عِنْد الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى مَعْهُودِ الشَّرْعِ وَمَعْهُودِهِ لَا تَقْوِيمَ فِيهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ قِيمَتِهَا شَيْءٌ اشْتَرَى بِهِ بَقَرَةً أُخْرَى إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَشَاةٌ أَوْ شِقْصًا مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَاحِدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>