للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ بِحُكْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ، أَوْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ.

وَيُقْبَلُ، قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ: حَكَمْت بِكَذَا.

فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ فَكَمَعْزُولٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

الَّتِي يَقْتَضِيهَا الْحَالُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (فَإِنْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ بِحُكْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي: يُقْبَلُ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْمُرْضِعَةُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْ وَلَمْ تُطَالِبْ بِأُجْرَةٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ، وَلِأَنَّ شَهَادَتَهَا عَلَى فِعْلِهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَتُهَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فِيهِمَا، وَاحْتُرِزَ بِحُكْمِهِ عَمَّا لَوْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ بِكَذَا، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى إقْرَارٍ سَمِعَهُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ آخَرَ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ وَحْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَطْعًا، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْحَالَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، فَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَوْلَى، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: (أَوْ) شَهِدَ (بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ) وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُرْضِعَةِ إذَا شَهِدَتْ كَذَلِكَ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ فِعْلَ نَفْسِهِ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " جَائِزِ الْحُكْمِ " تَأْكِيدٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ، وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ جَزْمًا نَظَرًا لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ، وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إذَا قُلْنَا: لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْحَاكِمِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُكْمِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُكُومَةِ حَاكِمٍ مِنْ الْحُكَّامِ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ. أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا.

(وَيُقْبَلُ،) (قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ: حَكَمْت بِكَذَا) حَتَّى لَوْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ نِسَاءُ الْقَرْيَةِ طَوَالِقُ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا حُجَّةٍ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مَا لَوْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَ وِلَايَتِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا قَالُوهُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ ظَاهِرٌ فِي الْقَاضِي الْمُجْتَهَدِ مُطْلَقًا، أَوْ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ. أَمَّا غَيْرُهُمَا فَفِي قَبُولِهِ وَقْفَةٌ.

وَقَدْ اسْتَخَرْتُ اللَّهَ وَأَفْتَيْتُ فِيمَنْ سُئِلَ مِنْ قُضَاةِ الْعَصْرِ عَنْ مُسْتَنَدِ قَضَائِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ مُسْتَنَدًا كَمَا هُوَ كَثِيرٌ أَوْ غَالِبٌ. قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ مَا ذُكِرَ فِي قَرْيَةٍ أَهْلُهَا مَحْصُورُونَ. أَمَّا فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ كَبَغْدَادَ فَلَا لِأَنَّا نَقْطَعُ بِبُطْلَانِ قَوْلِهِ وَإِلَى مَا قَالَهُ يُشِيرُ تَعْبِيرُ الشَّيْخَيْنِ بِالْقَرْيَةِ.

وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ شَهِدَ عِنْدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِكَذَا وَأَنْكَرَا لَمْ يَلْتَفِتْ لِإِنْكَارِهِمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْقَاضِي (فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ فَكَمَعْزُولٍ) فِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ ثَمَّ.

تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِمَحِلِّ وِلَايَتِهِ بَلَدُ قَضَائِهِ، وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ الْمُعَدِّ لِلْحُكْمِ وَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الطَّبَقَاتِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>