لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَيَبْحَثُ الْقَاضِي عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ وَعُدُولِهِ، وَيَدْخُلُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَيَنْزِلُ وَسَطَ الْبَلَدِ.
وَيَنْظُرُ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ،
ــ
[مغني المحتاج]
مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْبَلَدِ الْقَرِيبِ، وَلَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ) بِهَا بِلَا إشْهَادٍ أَوْ اسْتِفَاضَةٍ فَلَا يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ. وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَكْفِي لِبُعْدِ الْجَرَاءَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ إخْبَارِ الْقَاضِي لَهُمْ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ، فَإِنْ صَدَّقُوهُ فَفِي وُجُوبِ طَاعَتِهِ وَجْهَانِ، وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْوَكَالَةِ عَدَمُ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَنْكَرَ تَوْلِيَتَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَعَلَّ وُجُوبَهَا أَشْبَهُ، وَفِي الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ مَا يُعَضِّدُهُ: أَيْ وَلِأَنَّهُمْ اعْتَرَفُوا بِحَقٍّ عَلَيْهِمْ.
(وَيَبْحَثُ) بِرَفْعِ الْمُثَلَّثَةِ (الْقَاضِي) قَبْلَ دُخُولِهِ بَلَدَ التَّوْلِيَةِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ مَنْ فِيهِ (عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ وَعُدُولِهِ) وَالْمُزَكِّينَ سِرًّا وَعَلَانِيَةً لِيَدْخُلَ عَلَى بَصِيرَةٍ بِحَالِ مَنْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُمْ فَيَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَفِي الطَّرِيقِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَحِينَ يَدْخُلُ.
تَنْبِيهٌ يَنْدُبُ إذَا وُلِّيَ أَنْ يَدْعُوَ أَصْدِقَاءَهُ الْأُمَنَاءَ لِيُعْلِمُوهُ عُيُوبَهُ فَيَسْعَى فِي زَوَالِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْبَابِ الثَّانِي فِي جَامِعِ أَدَبِ الْقَضَاءِ (وَيَدْخُلُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) صَبِيحَتَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِيهِ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى فَإِنْ تَعَسَّرَ فَالْخَمِيسُ، وَإِلَّا فَالسَّبْتُ وَأَنْ يَدْخُلَ فِي عِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، فَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِهَا» وَلِأَنَّهُ أَهْيَبُ لَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ لَهُ وَظِيفَةٌ مِنْ وَظَائِفِ الْخَيْرِ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ، أَوْ ذِكْرٍ، أَوْ صَنْعَةٍ مِنْ الصَّنَائِعِ، أَوْ عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ أَوَّلَ النَّهَارِ إنْ أَمْكَنَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا، أَوْ إنْشَاءَ أَمْرٍ كَعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ (وَيَنْزِلُ وَسَطَ الْبَلَدِ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْأَشْهَرِ لِيُسَاوِيَ أَهْلَهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ، هَذَا إذَا اتَّسَعَتْ خُطَّتُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِلَّا نَزَلَ حَيْثُ تَيَسَّرَ. قَالَ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْضِعٌ يَعْتَادُ النُّزُولَ فِيهِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَإِذَا دَخَلَ نَهَارًا قَصَدَ الْجَامِعَ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَمَرَ بِعَهْدِهِ فَقُرِئَ ثُمَّ أَمَرَ بِالنِّدَاءِ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلْيَنْظُرْ مَا رُفِعَ إلَيْهِ مِنْ أُمُورِهِمْ لِيَكُونَ قَدْ أَخَذَ فِي الْعَمَلِ وَاسْتَحَقَّ رِزْقَهُ اهـ.
وَهَذَا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الرِّزْقَ مِنْ يَوْمِ الْوِلَايَةِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ يَوْمِ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ فَقَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى عَمَلِهِ، فَإِذَا وَصَلَ وَنَظَرَ اسْتَحَقَّ، وَإِنْ وَصَلَ وَلَمْ يَنْظُرْ فَإِنْ تَصَدَّى لِلنَّظَرِ اسْتَحَقَّ، وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ كَالْأَجِيرِ إذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ. وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّ لَمْ يَسْتَحِقَّ اهـ ثُمَّ إنْ شَاءَ قَرَأَ الْعَهْدَ فَوْرًا، وَإِنْ شَاءَ وَاعَدَ النَّاسَ لِيَوْمٍ يَحْضُرُونَ فِيهِ لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شُهُودٌ شَهِدُوا ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ.
(وَيَنْظُرُ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ) لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ، فَيَنْظُرُ هَلْ يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا؟ .