وَأَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ بِنَفْسِهِ.
وَلَا يَكُونَ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ، فَإِنْ أَهْدَى إلَيْهِ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ أَوْ لَمْ يُهْدِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ حَرُمَ قَبُولُهَا، وَإِنْ كَانَ يُهْدَى وَلَا خُصُومَةَ جَازَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْمَعْلُومُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ فَلَا.
تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِالْفُقَهَاءِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الَّذِينَ يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي الْإِفْتَاءِ فَيَدْخُلُ الْأَعْمَى وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ، وَيَخْرُجُ الْفَاسِقُ وَالْجَاهِلُ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَا يُشَاوِرُ مَنْ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ: وَإِذَا أَشْكَلَ الْحُكْمُ تَكُونُ الْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةً، وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةً اهـ.
وَقَوْلُهُ: لَا يُشَاوِرُ مَنْ دُونَهُ فِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ نَظَرٌ، فَقَدْ يَكُونُ عِنْدَ الْمَفْضُولِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْفَاضِلِ، وَيَرُدُّهُ أَيْضًا مُشَاوَرَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَ) يُنْدَبُ (أَنْ لَا يَشْتَرِيَ، وَ) لَا (يَبِيعَ بِنَفْسِهِ) لِئَلَّا يَشْتَغِلَ قَلْبُهُ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يُحَابَى فَيَمِيلُ قَلْبُهُ إلَى مَنْ يُحَابِيهِ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حُكُومَةٌ، وَالْمُحَابَاةُ فِيهَا رِشْوَةٌ أَوْ هَدِيَّةٌ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ.
تَنْبِيهٌ عَطْفُ هَذَيْنِ عَلَى مَا قَبْلَهُمَا يُفْهِمُ كَوْنَهُمَا خِلَافَ الْأُولَى، لَكِنَّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُمَا مَكْرُوهَانِ وَمَعَ ذَلِكَ فَغَيْرُهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْمُعَامَلَاتِ مِنْ إجَارَةٍ وَغَيْرِهَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، بَلْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ، وَلَا أَمْرِ صَنْعَتِهِ، بَلْ يَكِلُهُ إلَى غَيْرِهِ تَفْرِيغًا لِقَلْبِهِ. وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مُعَامَلَةَ أَبْعَاضِهِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ، وَمَا قَالَهُ لَا يَأْتِي مَعَ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ.
(وَ) يُنْدَبُ أَنْ (لَا يَكُونَ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ) كَيْ لَا يُحَابَى أَيْضًا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُرِهَ، وَالْمُعَامَلَةُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً، فَإِنْ عُرِفَ وَكِيلُهُ اسْتَبْدَلَ غَيْرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَكِيلًا عَقَدَ لِنَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ وَقَعَتْ لِمَنْ عَامَلَهُ خُصُومَةٌ أَنَابَ نَدْبًا غَيْرَهُ فِي فَصْلِهَا خَوْفَ الْمَيْلِ إلَيْهِ (فَإِنْ) (أَهْدَى إلَيْهِ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ) فِي الْحَالِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّنْ يُهْدِي إلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ أَمْ لَا، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَحِلِّ وِلَايَتِهِ أَمْ لَا (أَوْ لَمْ) يَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ لَكِنَّهُ لَمْ (يُهْدِ) لَهُ (قَبْلَ وِلَايَتِهِ) الْقَضَاءَ ثُمَّ أَهْدَى إلَيْهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ هَدِيَّةً (حَرُمَ) عَلَيْهِ (قَبُولُهَا) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِخَبَرِ «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَرَوَى «هَدَايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ» . وَرَوَى «هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ» وَلِأَنَّهَا تَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ، وَيَنْكَسِرُ بِهَا قَلْبُ خَصْمِهِ، وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ سَبَبُهُ خَلَلٌ وَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ سَبَبَهَا الْعَمَلُ ظَاهِرًا، وَلَا يَمْلِكُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ لَوْ قَبِلَهَا وَيَرُدُّهَا عَلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ فِي مَحِلِّ وِلَايَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَرُمَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهَيْنِ.
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ هَدِيَّةُ أَبْعَاضِهِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ (وَإِنْ كَانَ يُهْدَى) إلَيْهِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا خُصُومَةَ) لَهُ (جَازَ) قَبُولُهَا إنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ (بِقَدْرِ الْعَادَةِ) السَّابِقَةِ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ فِي صِفَةِ الْهَدِيَّةِ وَقَدْرِهَا، وَلَوْ قَالَ كَالْعَادَةِ دَخَلَتْ الصِّفَةُ،