للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا ازْدَحَمَ خُصُومٌ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ، فَإِنْ جَهِلَ أَوْ جَاءُوا مَعًا أُقْرِعَ

وَيُقَدَّمُ مُسَافِرُونَ مُسْتَوْفِزُونَ، وَنِسْوَةٌ، وَإِنْ تَأَخَّرُوا مَا لَمْ يَكْثُرُوا، وَلَا يُقَدَّمُ سَابِقٌ وَقَارِعٌ إلَّا بِدَعْوَى.

ــ

[مغني المحتاج]

الْحُكْمَ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ بِرِضَاهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْضَيَا.

(وَإِذَا) (ازْدَحَمَ) فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي (خُصُومٌ) مُدَّعُونَ (قُدِّمَ) حَتْمًا (الْأَسْبَقُ) فَالْأَسْبَقُ مِنْهُمْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ جَاءُوا مُتَرَتِّبِينَ وَعُرِفَ السَّابِقُ؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ كَمَا لَوْ سَبَقَ إلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ، وَالْعِبْرَةُ بِسَبْقِ الْمُدَّعِي دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُدَّعِي.

تَنْبِيهٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحِلُّ وُجُوبِ تَقْدِيمِ السَّابِقِ إذَا تَعَيَّنَ عَلَى الْقَاضِي فَصْلُ الْخُصُومَاتِ، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ شَاءَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْعِلْمِ الَّذِي لَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ (فَإِنْ جَهِلَ) الْأَسْبَقَ مِنْهُمْ (أَوْ جَاءُوا مَعًا أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ، وَقُدِّمَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، إذْ لَا مُرَجِّحَ، فَإِنْ آثَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا جَازَ، هَذَا إذَا أَمْكَنَ الْإِقْرَاعُ، فَإِنْ كَثُرُوا أَوْ عَسُرَ الْإِقْرَاعُ كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ فِي رِقَاعٍ وَجَعَلَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَأْخُذَهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَيُقَدِّمَ صَاحِبَهَا، كَذَا قَالَاهُ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَتُسْمَعُ دَعْوَى الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ حَتْمًا، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَرِيضٌ يَتَضَرَّرُ بِالصَّبْرِ لِنَوْبَتِهِ فَالْأَوْلَى لِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْدِيمُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَدَّمَهُ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَطْلُوبًا، وَلَا يُقَدِّمُهُ إنْ كَانَ طَالِبًا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مَجْبُورٌ وَالطَّالِبَ مُجْبِرٌ.

تَنْبِيهٌ لَا يُقَدِّمُ الْقَاضِي بَعْضَ الْمُدَّعِينَ عَلَى بَعْضٍ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ أَشَارَ لِلْأُولَى مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ (وَيُقَدَّمُ) نَدْبًا عَلَى الْمُخْتَارِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ (مُسَافِرُونَ مُسْتَوْفِزُونَ) أَيْ مُتَهَيِّئُونَ لِلسَّفَرِ خَائِفُونَ مِنْ انْقِطَاعِهِمْ إنْ تَأَخَّرُوا عَلَى مُقِيمِينَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرُوا بِالتَّخَلُّفِ، وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (وَ) يُقَدَّمُ (نِسْوَةٌ) عَلَى رِجَالٍ طَلَبًا لِسِتْرِهِنَّ (وَإِنْ تَأَخَّرُوا) أَيْ الْمُسَافِرُونَ وَالنِّسْوَةُ فِي الْمَجِيءِ إلَى الْقَاضِي، وَفِيهِ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ (مَا لَمْ يَكْثُرُوا) فَإِنْ كَثُرُوا بَلْ أَوْ سَاوَوْا كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ، أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ مُسَافِرِينَ أَوْ نِسْوَةً فَالتَّقْدِيمُ بِالسَّبَقِ أَوْ الْقُرْعَةِ.

تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ إطْلَاقُهُ الْمُسَافِرِينَ وَالنِّسْوَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُدَّعِينَ، وَالْخَنَاثِي مَعَ الرِّجَالِ كَالنِّسْوَةِ، وَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُقِيمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ النِّسَاءَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْقِيَاسُ إلْحَاقُ الْعَجُوزِ بِالرِّجَالِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ وَالنِّسْوَةِ الْحَصْرَ فِيهِمَا، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْمَرِيضُ كَمَا سَبَقَ كَذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَنْ لَهُ مَرِيضٌ بِلَا مُتَعَهِّدٍ، وَتَقْدِيمُ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ، وَالِازْدِحَامُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ كَالِازْدِحَامِ عَلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ الْعِلْمُ فَرْضًا وَلَوْ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَّا فَالْخِيرَةُ إلَى الْمُفْتِي أَوْ الْمُدَرِّسِ (وَلَا يُقَدَّمُ سَابِقٌ وَقَارِعٌ) أَيْ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (إلَّا بِدَعْوَى) وَاحِدَةٍ وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُدَّعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>