للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ مُعَيَّنِينَ، لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ.

وَإِذَا شَهِدَ شُهُودٌ فَعَرَفَ عَدَالَةً أَوْ فِسْقًا عَمِلَ بِعِلْمِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِزْكَاءُ

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الْبَاقُونَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَوْعَبَ الْمَجْلِسَ بِدَعَاوِيهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَنْصَرِفُ ثُمَّ يَحْضُرُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَيَنْتَظِرُ فَرَاغَ دَعْوَى الْحَاضِرِينَ ثُمَّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. الثَّانِيَةُ: إنْ بَقِيَ وَقْتٌ وَلَمْ يَضْجَرْ.

تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ وَالنِّسْوَةِ، وَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُهُمْ بِدَعَاوِيهِمْ إنْ كَانَتْ خَفِيفَةً لَا تَضُرُّ بِالْمُقِيمِينَ فِي الْأُولَى وَبِالرِّجَالِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ طَالَتْ قُدِّمَ مَنْ ذُكِرَ بِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا مَأْذُونٌ فِيهَا، وَقَدْ يُقْنَعُ بِوَاحِدَةٍ وَيُؤَخَّرُ الْبَاقِي إلَى أَنْ يَحْضُرَ، هَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْدِيمِ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنْ يَسْمَعَ فِي عَدَدٍ لَا يَضُرُّ بِالْبَاقِينَ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ - أَيْ مِنْ الْمُسَافِرِينَ أَوْ النِّسَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ، وَإِذَا قَدَّمْنَا بِوَاحِدَةٍ فَالْمُرَادُ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا التَّقْدِيمُ بِالدَّعْوَى وَجَوَابُهَا وَفَصْلُ الْحُكْمِ فِيهَا. نَعَمْ إنْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِانْتِظَارِ بَيِّنَةٍ، أَوْ تَزْكِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا سَمِعَ دَعْوَى مَنْ بَعْدَهُ حَتَّى يَحْضُرَ هُوَ بِبَيِّنَتِهِ فَيَشْتَغِلَ حِينَئِذٍ بِإِتْمَامِ خُصُومَتِهِ، وَلَا وَجْهَ لِتَعْطِيلِ الْخُصُومِ، ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ.

تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ: أَنَا الْمُدَّعِي، فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا إلَى الدَّعْوَى لَمْ تُقْطَعْ دَعْوَاهُ، بَلْ عَلَى الْآخَرِ أَنْ يُجِيبَ، ثُمَّ يَدَّعِيَ إنْ شَاءَ، وَإِلَّا ادَّعَى مَنْ بَعَثَ مِنْهُمَا الْعَوْنَ خَلْفَ الْآخَرِ، وَكَذَا مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَحْضَرَ الْآخَرَ لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ ادَّعَى.

(وَيَحْرُمُ) عَلَى الْقَاضِي (اتِّخَاذُ شُهُودٍ مُعَيَّنِينَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ، إذْ قَدْ يَتَحَمَّلُ الشَّهَادَةَ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ ضَاعَ الْحَقُّ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] فَإِنْ عَيَّنَ شُهُودًا وَقَبِلَ غَيْرَهُمْ لَمْ يَحْرُمْ وَلَمْ يُكْرَهْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

(وَإِذَا) (شَهِدَ) عِنْدَ الْقَاضِي (شُهُودٌ فَعَرَفَ) فِيهِمْ (عَدَالَةً، أَوْ فِسْقًا) (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) فِيهِمْ فَيَقْبَلُ مَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْدِيلٍ وَإِنْ طَلَبَهُ الْخَصْمُ، وَيَرُدُّ مَنْ عَرَفَ فِسْقَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَحْثٍ.

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ هَذَا فِي الْعَدَالَةِ فِي غَيْرِ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. أَمَّا هُمَا فَفِيهِمَا وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الْجَوَازِ مَا لَمْ تَقُمْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِعَدَالَتِهِمَا تَفْرِيعًا عَلَى تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ تَزْكِيَتَهُ لَهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي فِي الشُّهُودِ عَدَالَةً وَلَا فِسْقًا (وَجَبَ الِاسْتِزْكَاءُ) أَيْ طَلَبُ الْقَاضِي مِنْهُمْ التَّزْكِيَةَ، وَهِيَ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ، سَوَاءٌ أَطَلَبَهُ الْخَصْمُ أَمْ لَا، طَعَنَ فِي الشُّهُودِ أَمْ لَا، اعْتَرَفَ بِعَدَالَتِهِمْ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَقَعُ بِشَهَادَتِهِمْ فَيَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ شَرْطِهَا نَعَمْ لَوْ صَدَّقَهُمَا الْخَصْمُ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ قَضَى بِإِقْرَارِهِ ` لَا بِالْبَيِّنَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>