للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ إنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَيَجْرِيَانِ فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَعَدَمِهِ انْتَهَى، فَقَوْلُ ابْنِ الْمُقْرِي: أَنَّ نَصْبَهُ مُسْتَحَبٌّ قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ لِتَكُونَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إنْكَارِ مُنْكِرٍ.

(وَيَجِبُ) عَلَى الْقَاضِي (أَنْ يُحَلِّفَهُ) أَيْ الْمُدَّعِيَ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ (بَعْدَ) إقَامَةِ (الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَتَعْدِيلِهَا وَقَبْلَ تَوْفِيَةِ الْحَقِّ (إنَّ الْحَقَّ) الَّذِي لِي عَلَى الْغَائِبِ (ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ) إلَى الْآنَ وَأَنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَيَّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا احْتِيَاطًا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ رُبَّمَا ادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ مِنْهُ، هَذَا أَقَلُّ مَا يَكْفِي وَالْأَكْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا اعْتَاضَ، وَلَا اسْتَوْفَى، وَلَا أَحَالَ عَلَيْهِ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ جِهَتِهِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ فَيُحَلِّفَهُ عَلَى ثُبُوتِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ وَوُجُوبِ تَسْلِيمِهِ اهـ.

وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذِكْرُ لُزُومِ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لِتَأْجِيلٍ وَنَحْوِهِ (وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ) تَحْلِيفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ إنْ كَانَ لَهُ دَافِعٌ.

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ وُجُوبِ التَّحْلِيفِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ضَمِّ الْيَمِينِ إلَى الْبَيِّنَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَيَجْرِيَانِ) هَذَانِ الْوَجْهَانِ (فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ) أَوْ مَيِّتٍ بِلَا وَارِثٍ خَاصٍّ، وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّدَارُكِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ خَاصٌّ اُعْتُبِرَ فِي الْحَلِفِ طَلَبُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي التَّرِكَةِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ نَائِبٌ خَاصٌّ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ.

تَنْبِيهٌ قَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ هُنَا وَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ، فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ وَلِيِّهِمَا فَتَكُونُ الدَّعْوَى عَلَى الْوَلِيِّ. أَمَّا عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِمَا كَالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ فَلَا تُسْمَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ وَيُحْتَاجُ مَعَهَا إلَى الْيَمِينِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ التَّعَرُّضُ لِصِدْقِ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ هُنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْلِيفِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ فِي إلْحَاقِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِالْغَائِبِ فِي الْحَلِفِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْمُتَوَارِي أَوْ الْمُتَعَزِّزِ لَا يَحْلِفُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي.

فُرُوعٌ: لَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ كَمُلَ النَّاقِصُ، فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ مِنْ قَادِحٍ فِي الْبَيِّنَةِ أَوْ مُعَارِضَةِ بَيِّنَتِهِ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا، وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمٌ لِمُوَلِّيهِ شَيْئًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَيِّمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>