وَإِذَا ثَبَتَ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ وَلَهُ مَالٌ قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحَالِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ أَجَابَهُ فَيُنْهِي سَمَاعَ بَيِّنَةٍ لِيَحْكُمَ بِهَا ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ الْمَالَ، أَوْ حُكْمًا لِيَسْتَوْفِيَ.
ــ
[مغني المحتاج]
لَا يَحْلِفُ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْلِيفِهِ هُنَا تَحْلِيفُهُ ثَمَّ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ هُنَا إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ يَقْتَضِي اعْتِرَافُهُ بِهِ سُقُوطَ مُطَالَبَتِهِ لِخُرُوجِهِ بِاعْتِرَافِهِ فِيهَا عَنْ الْوَكَالَةِ فِي الْخُصُومَةِ بِخِلَافِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ، فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّ الْمَالَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْوَكِيلِ، وَفِي مَعْنَى الْإِبْرَاءِ دَعْوَى عِلْمِهِ بِالْوَفَاءِ وَنَحْوِهِ.
فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَنْتَ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلِي عَلَيْهِ كَذَا وَادَّعَى عَلَيْكَ وَأُقِيمَ بِهِ بَيِّنَةٌ فَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقٌّ لَهُ فَكَيْفَ تُقَامُ بَيِّنَةٌ بِهَا قَبْلَ دَعْوَاهُ، وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ وَأَرَادَ أَنْ لَا يُخَاصِمَ فَلْيَعْزِلْ نَفْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: لَا أَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ وَلَا يَقُولُ: لَسْتُ بِوَكِيلٍ فَيَكُونُ مُكَذِّبًا لِبَيِّنَةٍ قَدْ تَقُومُ عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ.
(وَإِذَا) (ثَبَتَ) عِنْدَ حَاكِمٍ (مَالٌ عَلَى غَائِبٍ) وَحَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ (وَلَهُ مَالٌ) حَاضِرٌ وَطَلَبَهُ الْمُدَّعِي (قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ وَفَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ مَنْ عَلَيْهِ فَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَامْتَنَعَ.
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقْضِيه وَلَا يُطَالِبُ بِكَفِيلٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ (فَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحَالِ) مِنْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ أَوْ سَأَلَ إنْهَاءَ حُكْمٍ (إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ أَجَابَهُ) لِذَلِكَ إنْ عَلِمَ مَكَانَ الْغَائِبِ مُسَارَعَةً إلَى قَضَاءِ الْحُقُوقِ (فَيُنْهِي) إلَيْهِ (سَمَاعَ بَيِّنَةٍ لِيَحْكُمَ بِهَا ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ الْمَالَ) وَيَكْتُبُ فِي صِفَةِ إنْهَائِهَا: سَمِعْتُ بَيِّنَةً عَادِلَةً قَامَتْ عِنْدِي بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَأَحْكُمُ بِهَا وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ) يُنْهِي إلَيْهِ (حُكْمًا) إنْ حَكَمَ (لِيَسْتَوْفِيَ) الْمَالَ، وَيُكْتَبُ فِي إنْهَاءِ الْحُكْمِ: قَامَتْ عِنْدِي بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَحَكَمْتُ لَهُ بِهِ فَاسْتَوْفِ حَقَّهُ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو لِذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي بَلَدٍ وَخَصْمُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَا يُمْكِنُهُ حَمْلُهَا إلَى بَلَدِ الْخَصْمِ وَلَا حَمْلُ الْخَصْمِ إلَى بَلَدِ الْبَيِّنَةِ فَيَضِيعُ الْحَقُّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بُعْدُ الْمَسَافَةِ كَمَا سَيَأْتِي.
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ لِإِنْهَاءِ الْحَالِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ: الْأُولَى: سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ. وَالثَّانِيَةُ: قَوْلُ الْحَاكِمِ: ثَبَتَ عِنْدِي وَهِيَ تَسْتَلْزِمُ الْأُولَى بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَالثَّالِثَةُ: الْحُكْمُ بِالْحَقِّ وَهُوَ أَرْفَعُ الدَّرَجَاتِ وَتَسْتَلْزِمُ مَا قَبْلَهَا، وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يُرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْحُكْمُ هُوَ الثَّانِيَةُ لَا الْأُولَى. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: فَإِذًا تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ بِمُحَرَّرٍ، وَقَوْلُهُ: إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ مُعَيَّنًا وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute