وَأَنَّ الْمُخَدَّرَةَ لَا تُحْضَرُ، وَهِيَ مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
عَلَى حَاضِرٍ.
قَوْلَهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ) الْحَاضِرَةَ (لَا تُحْضَرُ) لِلدَّعْوَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ مُضَارِعُ أُحْضِرَ - أَيْ لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ لِلدَّعْوَى عَلَيْهَا صَرْفًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهَا كَالْمَرِيضِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَلَمْ يَطْلُبْهَا لِكَوْنِهَا مُخَدَّرَةً، وَرَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ ظَاهِرًا لِكَوْنِهَا بَرْزَةً، كَذَا اُسْتُدِلَّ بِهِ وَنُظِرَ فِيهِ، وَلَا تُكَلَّفُ أَيْضًا الْحُضُورَ لِلتَّحْلِيفِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْيَمِينِ تَغْلِيظٌ بِالْمَكَانِ فَإِنْ كَانَ أُحْضِرَتْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الدَّعَاوَى، بَلْ تُوَكِّلُ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهَا نَائِبَهُ فَتُجِيبُ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ إنْ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ أَنَّهَا هِيَ، أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ مَحَارِمِهَا أَنَّهَا هِيَ، وَإِلَّا تَلَفَّعَتْ بِنَحْوِ مِلْحَفَةٍ وَخَرَجَتْ مِنْ السِّتْرِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَعِنْدَ الْحَلِفِ تَحْلِفُ فِي مَكَانِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْمُخَدَّرَةُ (مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ) مُتَكَرِّرَةٍ كَشِرَاءِ خُبْزٍ وَقُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهَا بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا قَلِيلًا لِحَاجَةٍ كَزِيَارَةٍ وَحَمَّامٍ وَعَزَاءٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا تَحْضُرُ كَغَيْرِهَا وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَغَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ وَهِيَ الْبَرْزَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ يُحْضِرُهَا الْقَاضِي، لَكِنْ يَبْعَثُ إلَيْهَا مَحْرَمًا لَهَا أَوْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ لِتَخْرُجَ مَعَهُمْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ
تَنْبِيهٌ لَوْ كَانَتْ بَرْزَةً ثُمَّ لَزِمَتْ التَّخَدُّرَ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ: حُكْمُهَا حُكْمُ الْفَاسِقِ يَتُوبُ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ سَنَةٍ فِي قَوْلٍ، أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي قَوْلٍ اهـ.
وَفَرَّقَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ الْمُخَدَّرَةِ بِرِفْعَةِ بَعْلِهَا وَغَيْرِهَا. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ. قَالَ: وَلَيْسَ لِلتَّخْدِيرِ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ اهـ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّخْدِيرِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ نِسَائِهِمْ التَّخْدِيرُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ - أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَهَذَا أَوْلَى.
خَاتِمَةٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُهِمَّةٍ: لِلْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَالْحُكْمُ كَالْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا بَأْسَ بِهَا، وَقَوْلُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلِ فِي الْخُصُومَةِ: كُنْت عَزَلْت وَكِيلِي قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، لَا يُبْطِلُ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ، بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ لَهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ يُبْطِلُ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ بَاطِلٌ.
وَلَيْسَ لِمَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً بِكِتَابٍ حُكْمِيٍّ أَرْسَلَهُ بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ، وَخَرَجَ بِهِ أَنْ يَتَخَلَّفَ فِي الطَّرِيقِ عَنْ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ إلَّا إنْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ بِأَنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ شَاهِدَيْنِ يَحْضُرَانِ بِالْكِتَابِ وَيَشْهَدَانِ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ أَوْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَ قَاضٍ فَيَضْمَنُهُ وَيَكْتُبُ بِهِ لِلْقَاضِي الْمَقْصُودِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا وَلَا شُهُودًا وَطَلَبَ أُجْرَةً لِخُرُوجِهِ إلَى الْقَاضِي الْمَقْصُودِ لَمْ يُعْطَ غَيْرَ النَّفَقَةِ وَكِرَاءَ الدَّابَّةِ، بِخِلَافِ سُؤَالِهِ الْأُجْرَةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَيُعْطَاهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute