وَيُكْرَهُ بِشِطْرَنْجٍ، فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَقِمَارٌ.
وَيُبَاحُ الْحُدَاءُ وَسَمَاعُهُ.
وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ
ــ
[مغني المحتاج]
(يُكْرَهُ بِشِطْرَنْجٍ) وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشِّطْرَنْجَ، وَهُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا وُضِعَ لِصِحَّةِ الْفِكْرِ وَالتَّدْبِيرِ فَهُوَ يُعِينُ عَلَى تَدْبِيرِ الْحُرُوبِ وَالْحِسَابِ وَالنَّرْدُ مَوْضُوعُهُ مَا يُخْرِجُهُ الْكَعْبَانِ أَيْ الْحَصَى وَنَحْوُهُ كَالْأَزْلَامِ، وَأَمَّا اللَّعِبُ بِالطَّابِ، فَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِتَحْرِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْعُمْدَةَ فِيهِ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ الْجَرَائِدُ الْأَرْبَعُ وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْكَرَاهَةِ كَالشِّطْرَنْجِ؛ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ مَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى إخْرَاجِ الْكَعْبَيْنِ فَكَالنَّرْدِ، أَوْ عَلَى الْفِكْرِ فَكَالشِّطْرَنْجِ (فَإِنْ) (شُرِطَ فِيهِ) أَيْ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ (مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) عَلَى أَنَّ مَنْ غَلَبَ مِنْ اللَّاعِبَيْنِ فَلَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا (فَقِمَارٌ) فَيَحْرُمُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ شُرِطَ مِنْ جَانِبِ أَحَدِ اللَّاعِبَيْنِ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ؛ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ حَرَامٌ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ بِتَأْوِيلٍ، وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ فُحْشٌ أَوْ تَأْخِيرُ فَرِيضَةٍ عَنْ وَقْتِهَا عَمْدًا، وَكَذَا سَهْوًا كَلَعِبٍ بِهِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ فَحَرَامٌ أَيْضًا لِمَا اقْتَرَنَ بِهِ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، وَكَذَا إذَا لَعِبَ بِهِ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَأَمَّا الْحَزَّةُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ: قِطْعَةُ خَشَبٍ يُحْفَرُ فِيهَا حُفَرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ يُجْعَلُ فِيهَا حَصًى صِغَارٌ وَيُلْعَبُ بِهَا وَتُسَمَّى الْمُنَقِّلَةُ، وَقَدْ تُسَمَّى الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَالْقَرَقُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ، وَيُقَالُ: بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ: أَنْ يَخُطَّ فِي الْأَرْضِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ وَيُجْعَلُ فِي وَسَطِهِ خَطَّانِ كَالصَّلِيبِ، وَيُجْعَلُ عَلَى رُءُوسِ الْخُطُوطِ حَصًى صِغَارٌ تُقَلَّبُ بِهَا، فَفِيهَا وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا كَمَا يَقْتَضِيه كَلَامُ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ الْجَوَازُ، وَجَرَى ابْنُ الْمُقْرِي عَلَى أَنَّهُمَا كَالنَّرْدِ.
وَيَجُوزُ اللَّعِبُ بِالْخَاتَمِ، وَيُكْرَهُ بِالْمَرَاجِيحِ وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرَاهَةَ اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ. قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: هَذَا حَيْثُ لَمْ يَسْرِقْ اللَّاعِبُ طُيُورَ النَّاسِ، فَإِنْ فَعَلَ حَرُمَ وَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُ، وَاِتِّخَاذُ الْحَمَامِ لَلْفِرَاخِ وَالْبَيْضِ وَالْأُنْسِ بِهَا، وَحَمْلُ الْبَطَائِقِ عَلَى أَجْنِحَتِهَا جَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَيَحْرُمُ كَمَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ التَّحْرِيشُ بَيْنَ الدُّيُوكِ وَالْكِلَابِ وَتَرْقِيصُ الْقُرُودِ وَنِطَاحُ الْكِبَاشِ، وَالتَّفَرُّجُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ، وَاللَّعِبُ بِالصُّوَرِ، وَجَمْعُ النَّاسِ عَلَيْهَا.
(وَيُبَاحُ الْحُدَاءُ) بَلْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ مَنْدُوبٌ لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَرَدَتْ بِهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَنْشِيطِ الْإِبِلِ لِلسَّيْرِ وَإِيقَاظِ النَّائِمِ وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ بِخَطِّهِ، وَكَذَا فِي الْمُحْكَمِ وَالصِّحَاحِ وَيَجُوزُ كَسْرُ الْحَاءِ، وَيُقَالُ: فِيهِ حَدْوٌ أَيْضًا، وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رَجَزِ شِعْرٍ وَغَيْرِهِ، ذَكَرَ فِي الْإِحْيَاءِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الدِّينَوَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي الْبَادِيَةِ فَأَضَافَهُ رَجُلٌ، فَرَأَى عِنْدَهُ عَبْدًا أَسْوَدَ مُقَيَّدًا فَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَقَالَ مَوْلَاهُ: إنَّهُ ذُو صَوْتٍ طَيِّبٍ وَكَانَتْ لَهُ عِيسٌ فَحَمَّلَهَا أَحْمَالًا ثَقِيلَةً وَحَدَأَهَا فَقَطَعَتْ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي يَوْمٍ، فَلَمَّا حَطَّتْ أَحْمَالَهَا مَاتَتْ كُلُّهَا قَالَ: فَشَفَعْت فِيهِ فَشَفَّعَنِي، ثُمَّ سَأَلْته أَنْ يَحْدُوَ لِي فَرَفَعَ صَوْتَهُ فَسَقَطْت لِوَجْهِي مِنْ طِيبِ صَوْتِهِ حَتَّى أَشَارَ إلَيْهِ مَوْلَاهُ بِالسُّكُوتِ (وَ) يُبَاحُ (سَمَاعُهُ) أَيْضًا وَاسْتِمَاعُهُ، لِمَا رَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ «حَرِّكْ بِالْقَوْمِ فَانْدَفَعَ يَرْتَجِزُ» .
(وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ) وَهُوَ بِالْمَدِّ، وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute