بِلَا آلَةٍ، وَسَمَاعُهُ.
وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ آلَةٍ مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ كَطُنْبُورٍ وَعُودٍ وَصَنْجٍ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ وَاسْتِمَاعُهَا، لَا يَرَاعٍ فِي الْأَصَحِّ. قُلْت: الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[مغني المحتاج]
يُقْصَرُ، وَبِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالشِّعْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: ٦] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَهُوَ وَاَللَّهِ الْغِنَاءُ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ. هَذَا إذَا كَانَ (بِلَا آلَةٍ) مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ (وَ) يُكْرَهُ (سَمَاعُهُ) كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ اسْتِمَاعُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى. أَمَّا مَعَ الْآلَةِ فَحَرَامَانِ، وَاسْتِمَاعُهُ بِلَا آلَةٍ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ أَشَدُّ كَرَاهَةً، فَإِنْ خِيفَ مِنْ اسْتِمَاعِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ أَمْرَدَ فِتْنَةٌ فَحَرَامٌ قَطْعًا.
فَائِدَةٌ الْغِنَاءُ مِنْ الصَّوْتِ مَمْدُودٌ، وَمِنْ الْمَالِ مَقْصُورٌ.
تَنْبِيهٌ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ مَسْنُونٌ، وَلَا بَأْسَ بِالْإِدَارَةِ لِلْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ قِطْعَةً، ثُمَّ الْبَعْضُ قِطْعَةً بَعْدَهَا، وَلَا بَأْسَ بِتَرْدِيدِ الْآيَةِ لِلتَّدْبِيرِ، وَلَا بِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَةِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَلَا بِقِرَاءَتِهِ بِالْأَلْحَانِ، فَإِنْ أَفْرَطَ فِي الْمَدِّ وَالْإِشْبَاعِ حَتَّى وَلَّدَ حُرُوفًا مِنْ الْحَرَكَاتِ أَوْ أَسْقَطَ حُرُوفًا حَرُمَ، وَيَفْسُقُ بِهِ الْقَارِئُ، وَيَأْثَمُ الْمُسْتَمِعُ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ، وَيُسَنُّ تَرْتِيلُ الْقِرَاءَةِ، وَتَدَبُّرُهَا، وَالْبُكَاءُ عِنْدَهَا، وَاسْتِمَاعُ شَخْصٍ حَسَنِ الصَّوْتِ، وَالْمُدَارَسَةُ، وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ فِي بَابِ الْحَدَثِ.
(وَيَحْرُمُ) (اسْتِعْمَالُ) أَوْ اتِّخَاذُ (آلَةٍ مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ) جَمْعُ شَارِبٍ وَهُمْ الْقَوْمُ الْمُجْتَمِعُونَ عَلَى الشَّرَابِ الْحَرَامِ، وَاسْتِعْمَالُ الْآلَةِ هُوَ الضَّرْبُ بِهَا (كَطُنْبُورٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ، وَيُقَالُ الطِّنْبَارُ (وَعُودٍ وَصَنْجٍ) وَهُوَ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: صُفْرٌ يُضْرَبُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَتُسَمَّى الصَّفَّاقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ عَادَةِ الْمُخَنَّثِينَ (وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ مَا يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْأَوْتَارِ (وَ) يَحْرُمُ (اسْتِمَاعُهَا) أَيْ الْآلَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ يُطْرِبُ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ وَالْمَعَازِفَ» قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمَعَازِفُ آلَاتُ اللَّهْوِ، وَمِنْ الْمَعَازِفِ الرَّبَابُ وَالْجُنْكُ (لَا) اسْتِعْمَالُ (يَرَاعٍ) وَهُوَ الشَّبَّابَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِخُلُوِّ جَوْفِهَا، فَلَا تَحْرُمُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ (قُلْت: الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ الْغَزَالِيَّ، وَمَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَلِيلٍ مُعْتَبَرٍ بِتَحْرِيمِهِ وَبَحَثَ جَوَازَ اسْتِمَاعِ الْمَرِيضِ إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ بِأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ فِي مَرَضِهِ. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِلْعُلَمَاءِ فِي السَّمَاعِ بِالْمَلَاهِي وَبِالدُّفِّ وَالشَّبَّابَةِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: السَّمَاعُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ مُنْكَرٌ وَضَلَالَةٌ، وَهُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْجَهَلَةِ وَالشَّيَاطِينِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ فَقَدْ كَذَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute