للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا عَلَى أَبِيهِمَا بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا أَوْ قَذْفِهَا فِي الْأَظْهَرِ.

وَإِذَا شَهِدَ لِفَرْعٍ وَأَجْنَبِيٍّ قُبِلَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَظْهَرِ.

قُلْت: وَتُقْبَلُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ

وَلِأَخٍ وَصَدِيقٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ،

ــ

[مغني المحتاج]

جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (وَكَذَا) تُقْبَلُ مِنْ فَرَعَيْنَ (عَلَى أَبِيهِمَا بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا أَوْ قَذْفِهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِضَعْفِ تُهْمَةِ نَفْعِ أُمِّهِمَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَرَادَ طَلَّقَهَا أَوْ نَكَحَ عَلَيْهَا مَعَ إمْسَاكِهَا. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ فَإِنَّهَا تَجُرُّ نَفْعًا إلَى الْأُمِّ، وَهُوَ انْفِرَادُهَا بِالْأَبِ.

تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى أَبِيهِمَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا حِسْبَةً أَوْ بَعْدَ دَعْوَى الضَّرَّةِ. أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْأَبُ الطَّلَاقَ فِي زَمَنٍ سَابِقٍ لِإِسْقَاطِ نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ فَشَهِدَا لَهُ فَهُنَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِلْأَبِ لَا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِقَوْلِهِ فِي دَعْوَاهُ الْخُلْعَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.

(وَإِذَا) (شَهِدَ) بِحَقٍّ (لِفَرْعٍ) أَوْ أَصْلٍ لَهُ (وَأَجْنَبِيٍّ) كَأَنْ شَهِدَ بِرَقِيقٍ لَهُمَا كَقَوْلِهِ: هُوَ لِأَبِي وَفُلَانٍ، أَوْ عَكْسِهِ (قُبِلَتْ) تِلْكَ الشَّهَادَةُ (لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَظْهَرِ) مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَالثَّانِي: لَا تُفَرَّقُ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ.

(قُلْت) كَالرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَتُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَلَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ الْأَجِيرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَكْسِهِ.

تَنْبِيهٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ لِذَلِكَ بِحُكْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ عَلَى أَهْلِ الْإِفْكِ كَمَا احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَلِفَرْعِهِ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَارِثٌ لَا يُحْجَبُ فَأَشْبَهَ الْأَبَ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَاسْتَثْنَى عَلَى الْأَوَّلِ مَا إذَا شَهِدَ لِزَوْجَتِهِ بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: لَهُمَا عَمَّا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ قَطْعًا إذْ لَا تُهْمَةَ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا بِزِنَاهَا فَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي خِيَانَتَهَا فِرَاشَهُ.

(وَ) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (لِأَخٍ) مِنْ أَخِيهِ، وَكَذَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَوَاشِي، وَإِنْ كَانُوا يَصِلُونَهُ وَيَبَرُّونَهُ (وَصَدِيقٍ) مِنْ صَدِيقِهِ، وَهُوَ مَنْ صَدَقَ فِي وِدَادِك بِأَنْ يُهِمَّهُ مَا أَهَمَّكَ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَقَلِيلٌ ذَلِكَ - أَيْ فِي زَمَانِهِ - وَنَادِرٌ فِي زَمَانِنَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِضَعْفِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُتَّهَمَانِ تُهْمَةَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، أَمَّا شَهَادَةُ كُلٍّ مِمَّنْ ذُكِرَ عَلَى الْآخَرِ فَمَقْبُولَةٌ جَزْمًا.

(وَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَةٌ (مِنْ عَدُوٍّ) عَلَى عَدُوِّهِ لِحَدِيثِ «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالْغِمْرُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْغِلُّ، وَهُوَ الْحِقْدُ، وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التُّهْمَةِ

تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِالْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ الظَّاهِرَةُ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَةَ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إلَّا عَلَّامُ الْغُيُوبِ، وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: «سَيَأْتِي قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ إخْوَانُ الْعَلَانِيَةِ أَعْدَاءُ السَّرِيرَةِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>