الثِّيَابِ يَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ، وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
الثِّيَابِ) كَجِرَاحَةٍ عَلَى فَرْجِهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَاسْتِهْلَالِ وَلَدٍ (يَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ) أَيْ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) مُفْرَدَاتٍ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ، وَقِيسَ بِمَا ذُكِرَ غَيْرُهُ مِمَّا شَارَكَهُ فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ، وَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ مُنْفَرِدَاتٍ، فَقَبُولُ الرَّجُلَيْنِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْلَى.
تَنْبِيهٌ: تَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِالْحَيْضِ صَرِيحٌ فِي إمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ عَلَى حَيْضِهَا فَقَالَتْ: حِضْت وَأَنْكَرَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ، وَصَرَّحَا بِمِثْلِهِ فِي الدِّيَاتِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ حَمْلُهُ عَلَى تَعَسُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، لَا التَّعَذُّرِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا مُنَافَاةَ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيه أَنَّهَا تُقْبَلُ مِنْ النِّسْوَةِ لِمُمَارَسَتِهِنَّ ذَلِكَ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيِّ، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ، وَلَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَقَيَّدَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ مَسْأَلَةَ الرَّضَاعِ بِمَا إذَا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الثَّدْيِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ إنَاءٍ حُلِبَ فِيهِ اللَّبَنُ لَمْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ، لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: تَحْتَ الثِّيَابِ عَمَّا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الْعَيْبَ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ، وَفِي وَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ. أَمَّا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَالْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ فَتُقْبَلُ النِّسَاءُ فِيهِ مُفْرَدَاتٍ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا الرِّجَالُ غَالِبًا وَإِنْ قُلْنَا بِحُرْمَةِ نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَحَارِمِهَا وَزَوْجِهَا، وَيَجُوزُ نَظَرُ الْأَجْنَبِيِّ لِوَجْهِهَا لِتَعْلِيمٍ وَمُعَامَلَةٍ وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ. وَقَدْ قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ نَقْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عُيُوبَ النِّسَاءِ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا الرِّجَالُ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِمَا اهـ.
أَيْ فَلَا تُقْبَلُ النِّسَاءُ الْخُلَّصُ فِي الْأَمَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِمَا مَرَّ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءُ غَالِبًا إلَخْ يُفْهِمُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِنَّ لَا يَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ النِّسْوَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ تَسْمَعُهُ غَالِبًا كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ: وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الرَّضَاعِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْبَعٍ لَعُلِمَ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالنِّسْوَةِ؛ لِأَنَّ التَّاءَ لَا تَثْبُتُ مَعَ الْمَعْدُودِ الْمُؤَنَّثِ. وَأَمَّا الْخُنْثَى فَيُحْتَاطُ فِي أَمْرِهِ عَلَى الْمُرَجَّحِ فَلَا يَرَاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رِجَالٌ وَلَا نِسَاءٌ، وَفِي وَجْهٍ يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ الصِّغَرِ عَلَيْهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ بِالْعُيُوبِ الْمَعْرِفَةُ بِالطِّبِّ كَمَا حَكَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute