للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَذْكُرُ فِي حَلِفِهِ صِدْقَ الشَّاهِدِ.

فَإِنْ تَرَكَ الْحَلِفَ وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ.

وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا فَقَالَ رَجُلٌ: هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِهَذَا فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ، لَا نَسَبُ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتُهُ فِي الْأَظْهَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

أَقْوَالٌ: أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَغْرَمُ النِّصْفَ، وَعَلَى الثَّانِي الْكُلَّ، وَعَلَى الثَّالِثِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَيَذْكُرُ) حَتْمًا (فِي حَلِفِهِ صِدْقَ الشَّاهِدِ) لَهُ، وَاسْتِحْقَاقَهُ لِمَا ادَّعَاهُ، فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ شَاهِدِي صَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ، وَأَنَا مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا.

تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْوَاوِ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى إثْبَاتِ الْحَقِّ وَصِدْقِ الشَّاهِدِ، وَحَكَى الْإِمَامُ فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ تَعَرُّضُهُ فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ شَاهِدِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَإِشْهَادَهُ حُجَّتَانِ مُخْتَلِفَتَا الْجِنْسِ، فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لِيَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ.

(فَإِنْ) (تَرَكَ) الْمُدَّعِي (الْحَلِفَ) بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ) (فَلَهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ شَاهِدِهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ تُسْمَعُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إقَامَتُهَا فَعُذِرَ، وَالْيَمِينُ إلَيْهِ بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُدَعَّى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ أَوْ نَكَلَ الْمُدَعَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ الَّتِي امْتَنَعَ عَنْهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِالشَّاهِدِ وَهَذِهِ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِنُكُولِ الْمُدَعَّى عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ تِلْكَ لَا يُقْضَى بِهَا إلَّا فِي الْمَالِ وَهَذِهِ يُقْضَى بِهَا فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحَلِفَ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ، وَعُورِضَ بِمَا مَرَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدَّعَاوَى.

(وَلَوْ كَانَ) (بِيَدِهِ) أَيْ شَخْصٍ (أَمَةٌ وَوَلَدُهَا) يَسْتَرِقُّهُمَا (فَقَالَ) لَهُ (رَجُلٌ: هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ) مِنِّي (بِهَذَا) الْوَلَدِ (فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) بِذَلِكَ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ فَتُنْزَعُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَتُسَلَّمُ إلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ، وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ لَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ وَالرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي الدَّعْوَى وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِي عَلَى حُكْمِ الِاسْتِيلَادِ إلَى الْآنَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ زَالَ عَنْهَا بِبَيْعٍ بَعْدَ اسْتِيلَادِهَا بِأَنْ اسْتَوْلَدَهَا وَهِيَ مَرْهُونَةٌ رَهْنًا لَازِمًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي الْوَطْءِ وَكَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَا الْجَانِيَةُ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى (لَا نَسَبُ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتُهُ) فَلَا يَثْبُتَانِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ نَاقِصَةٌ، وَالثَّانِي: يَثْبُتَانِ تَبَعًا فَيُنْزَعُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَيَكُونُ حُرًّا نَسِيبًا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا مَرَّ فِي بَابِهِ، فَقَالَ الرَّافِعِيُّ: مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>