للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى الْقَاضِي قِصَاصٌ إنْ قَالَ تَعَمَّدْت، وَإِنْ رَجَعَ هُوَ وَهُمْ فَعَلَى الْجَمِيعِ قِصَاصٌ إنْ قَالُوا: تَعَمَّدْنَا، فَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ وَعَلَيْهِمْ نِصْفٌ.

وَلَوْ رَجَعَ مُزَكٍّ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ، أَوْ وَلِيٌّ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ أَوْ مَعَ الشُّهُودِ فَكَذَلِكَ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَلَوْ اعْتَرَفَ أَحَدُهُمَا بِعَمْدِهِمَا وَالْآخَرُ بِعَمْدِهِ وَخَطَأِ صَاحِبِهِ اُقْتُصَّ مِنْ الْأَوَّلِ لِاعْتِرَافِهِ بِتَعَمُّدِهِمَا جَمِيعًا دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ إلَّا بِشَرِكَةِ مُخْطِئٍ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا، بَلْ يُحَدُّونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا حَدَّ الْقَذْفِ، ثُمَّ يُرْجَمُونَ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَلَا قَدْرِ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ. قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ ذَلِكَ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ، وَقِيلَ: يُقْتَلُونَ بِالسَّيْفِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَّا لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْإِسْلَامِ وَنَشْئِهِمْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا فِي شَهَادَتِنَا فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ إنْ كَذَّبَتْهُمْ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ لَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُمْ فَعَلَيْهِمْ الدِّيَةُ، وَكَذَا إنْ سَكَتَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُمْ لَزِمَهُ الدِّيَةُ. فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَوْا أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَعْرِفُ خَطَأَهُمْ هَلْ لَهُمْ تَحْلِيفُهَا أَوْ لَا؟ رَأْيَانِ: أَوْجَهُهُمَا أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ غَرِمَتْ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ عَدَمِ التَّحْلِيفِ.

(وَعَلَى الْقَاضِي) الرَّاجِعِ دُونَ الشُّهُودِ (قِصَاصٌ) أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ (إنْ قَالَ: تَعَمَّدْت) الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ، فَإِنْ قَالَ: أَخْطَأْتُ فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (وَإِنْ) (رَجَعَ هُوَ) أَيْ الْقَاضِي (وَهُمْ) أَيْ الشُّهُودُ (فَعَلَى الْجَمِيعِ قِصَاصٌ) أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ (إنْ قَالُوا: تَعَمَّدْنَا) ذَلِكَ لِاعْتِرَافِهِمْ بِالتَّسَبُّبِ فِي قَتْلِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا (فَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِ) أَيْ الْقَاضِي (نِصْفُ دِيَةٍ، وَعَلَيْهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ (نِصْفٌ) مِنْهَا تَوْزِيعًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ اهـ.

وَرُدَّ الْقِيَاسُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَسْتَقِلُّ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا إذَا قَضَى بِعِلْمِهِ، بِخِلَافِ الشُّهُودِ، وَبِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِ الشُّهُودِ وَحْدَهُمْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ.

(وَلَوْ) (رَجَعَ مُزَكٍّ) وَحْدَهُ عَنْ تَعْدِيلِ الشُّهُودِ وَلَوْ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ) بِالْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّزْكِيَةِ يُلْجِئُ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلِمْتُ كَذِبَهُمْ وَقَوْلِهِ عَلِمْتُ فِسْقَهُمْ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ، وَإِنْ قَالَ الْقَفَّالُ: مَحَلُّهُ إذَا قَالَ عَلِمْتُ كَذِبَهُمْ، فَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُ فِسْقَهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُصَدَّقُونَ مَعَ فِسْقِهِمْ (أَوْ) رَجَعَ (وَلِيٌّ) لِلدَّمِ (وَحْدَهُ) دُونَ الشُّهُودِ (فَعَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ) بِكَمَالِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ (أَوْ) رَجَعَ (مَعَ الشُّهُودِ فَكَذَلِكَ) يَجِبُ الْقِصَاصُ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>