للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: هُوَ وَهُمْ شُرَكَاءُ.

وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ وَفَرَّقَ الْقَاضِي فَرَجَعَا دَامَ الْفِرَاقُ وَعَلَيْهِمْ مَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ وَطْءٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

الدِّيَةُ عَلَى الْوَلِيِّ وَحْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِلْمُبَاشَرَةِ وَهُمْ مَعَهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ (وَقِيلَ: هُوَ وَهُمْ شُرَكَاءُ) لِتَعَاوُنِهِمْ فِي الْقَتْلِ فَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ، وَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَعَلَيْهِمْ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ عَلَى الْوَلِيِّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ الْوَلِيُّ وَالْقَاضِي وَالشُّهُودُ كَانَ عَلَى كُلٍّ الثُّلُثُ.

تَنْبِيهٌ: كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَقِيلَ: هُوَ هُمْ كَالشَّرِيكَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: شُرَكَاءُ يُوهِمُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ فِي الضَّمَانِ مُطْلَقًا.

(وَلَوْ) (شَهِدَا) عَلَى شَخْصٍ (بِطَلَاقٍ بَائِنٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ بِعِوَضٍ أَمْ بِثَلَاثٍ أَمْ قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ رَضَاعٍ) مُحَرِّمٍ (أَوْ لِعَانٍ) أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْبَيْنُونَةُ كَالْفَسْخِ بِعَيْبٍ (وَفَرَّقَ الْقَاضِي) فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (فَرَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِمَا ذُكِرَ (دَامَ الْفِرَاقُ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا فِي الرُّجُوعِ مُحْتَمَلٌ فَلَا يُرَدُّ الْحُكْمُ بِقَوْلٍ مُحْتَمَلٍ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: دَامَ الْفِرَاقُ لَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِهِ فِي الرَّضَاعِ وَاللِّعَانِ، فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ دَامَ بِنَفَذَ، أَوْ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ لَمْ يَرْتَفِعْ الْفِرَاقُ كَانَ أَوْلَى (وَعَلَيْهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ لِلزَّوْجِ (مَهْرُ مِثْلٍ) وَلَوْ قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ بَعْدَ إبْرَاءِ الزَّوْجَةِ زَوْجِهَا مِنْ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهُ إنْ كَانَ) حُكْمُ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ (قَبْلَ وَطْءٍ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فَاتَ عَلَى الزَّوْجِ. وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى الْمُتْلَفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ سَوَاءٌ أَدَفَعَ إلَيْهَا الزَّوْجُ الْمَهْرَ أَمْ لَا، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الدَّيْنِ لَا يَغْرَمُونَ قَبْلَ دَفْعِهِ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ هُنَا تَحَقَّقَتْ، فَإِنْ قِيلَ: لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ فَقَطْ فَهَلَّا كَانَ هُوَ الْأَصَحُّ هُنَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ فُرْقَةَ الرَّضَاعِ حَقِيقَةٌ فَلَا تُوجِبُ إلَّا النِّصْفَ كَالْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ، وَهُنَا النِّكَاحُ بَاقٍ بِزَعْمِ الزَّوْجِ وَالشُّهُودِ لَكِنَّهُمْ بِشَهَادَتِهِمْ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُضْعِ فَغَرِمُوا قِيمَتَهُ كَالْغَاصِبِ الْحَائِلِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمَغْصُوبِ. وَخَرَجَ بِالْبَائِنِ الرَّجْعِيِّ فَلَا غُرْمَ فِيهِ عَلَيْهِمْ إذْ لَمْ يُفَوِّتُوا عَلَيْهِ شَيْئًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ، فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا غَرِمَا كَمَا فِي الْبَائِنِ، وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا إذَا أَمْكَنَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ فَتَرَكَهَا بِاخْتِيَارِهِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ تَدَارُكِ دَفْعِ مَا يَعْرِضُ بِجِنَايَةِ الْغَيْرِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَالِكُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَعَلَيْهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِأَنَّ " عَلَيْهِمْ " أَخَصْرُ مِنْ " عَلَيْهِمَا " إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ، وَلَوْ قَالُوا فِي رُجُوعِهِمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ كَانَ رَجْعِيًّا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَرْجَحُ عِنْدِي أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ؛ لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَيْهِ مِلْكَ الرَّجْعَةِ الَّذِي هُوَ كَمِلْكِ الْبُضْعِ قَالَ: وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْغُرْمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَشَمِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>