للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَتَى ادَّعَى نَقْدًا اُشْتُرِطَ بَيَانُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ وَقَدْرٍ وَصِحَّةٌ وَتَكَسُّرٌ إنْ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا قِيمَةٌ، أَوْ عَيْنًا تَنْضَبِطُ كَحَيَوَانٍ وَصَفَهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ. وَقِيلَ: يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةَ، فَإِنْ تَلِفَتْ وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ أَنَّ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى سِتَّةَ شُرُوطٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا، وَذَكَرْت بَاقِيَهَا فِي الشَّرْحِ (وَ) ذُكِرَ مِنْهَا هُنَا شَرْطَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً فَعَلَيْهِ (مَتَى) (ادَّعَى) شَخْصٌ دَيْنًا (نَقْدًا) أَوْ غَيْرَهُ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا (اُشْتُرِطَ) فِيهِ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى (بَيَانُ جِنْسٍ) لَهُ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ (وَنَوْعٍ) لَهُ كَخَالِصٍ أَوْ مَغْشُوشٍ (وَقَدْرٍ) كَمِائَةٍ، وَصِفَةٍ يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ (وَ) يُشْتَرَطُ فِي النَّقْدِ أَيْضًا شَيْئَانِ (صِحَّةٌ وَتَكَسُّرٌ إنْ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا قِيمَةُ) كَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ ظَاهِرِيَّةٍ صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ، فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ النَّقْدِ، وَإِنْ غَلَبَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفَارَقَ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ بِأَنَّ زَمَنَ الْعَقْدِ يُقَيِّدُ صِفَةَ الثَّمَنِ بِالْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَنِ الدَّعْوَى لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا. نَعَمْ مُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ. أَمَّا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَةُ النَّقْدِ بِالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِمَا، لَكِنْ اسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ دَيْنَ السَّلَمِ فَاعْتَبَرَا بَيَانَهُمَا فِيهِ (أَوْ) لَمْ يَدَّعِ الشَّخْصُ دَيْنًا، بَلْ ادَّعَى (عَيْنًا تَنْضَبِطُ) بِالصِّفَةِ مُتَقَوِّمَةً كَانَتْ (كَحَيَوَانٍ) وَثِيَابٍ أَوْ مِثْلِيَّةٍ كَحُبُوبٍ (وَصَفَهَا) وُجُوبًا (بِصِفَةِ السَّلَمِ) السَّابِقَةِ فِي بَابِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَ الصِّفَةِ الْقِيمَةِ فِي الْأَصَحِّ (وَقِيلَ: يَجِبُ مَعَهَا) أَيْ صِفَةِ السَّلَمِ (ذِكْرُ الْقِيمَةِ) لِتِلْكَ الْعَيْنِ الْمَوْصُوفَةِ، فَإِنْ لَمْ تَنْضَبِطْ بِالصِّفَاتِ كَالْجَوَاهِرِ وَالْيَوَاقِيتِ وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَيَقُولُ: جَوْهَرٌ قِيمَتُهُ كَذَا، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ، وَاسْتَثْنَى مَا لَوْ غَصَبَ غَيْرُهُ مِنْهُ عَيْنًا فِي بَلَدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ فِي آخَرَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ، وَلَكِنْ لِنَقْلِهَا مُؤْنَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحَقَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ، وَيُبَيِّنُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ النَّاحِيَةَ وَالْبَلَدَ وَالْمَحَلَّةَ وَالسِّكَّةَ وَالْحُدُودَ، وَأَنَّهُ فِي يَمْنَةٍ دَاخِلِ السِّكَّةِ أَوْ يَسْرَتِهِ أَوْ صَدْرِهَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقِيمَةِ كَمَا عُلِمَ كَمَا مَرَّ. وَهَذَا إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ (فَإِنْ تَلِفَتْ وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ (وَجَبَ) مَعَ ذَلِكَ (ذِكْرُ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ عِنْدَ التَّلَفِ، فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ شَيْءٍ مَعَهَا مِنْ الصِّفَاتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، لَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَيَقُولُ: عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً لَمْ يَجِبْ ذِكْرُ قِيمَةٍ، وَيَكْفِي الضَّبْطُ بِالصِّفَاتِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ التَّالِفُ سَيْفًا مُحَلًّى ذَكَرَ قِيمَتَهُ بِالذَّهَبِ إنْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ فِضَّةً، وَبِالْفِضَّةِ إنْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ ذَهَبًا. وَإِنْ كَانَ مُحَلًّى بِهِمَا قُوِّمَ بِأَحَدِهِمَا لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضَةِ هُنَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الْغَصْبِ، فَقَالَ هُنَاكَ إنَّ تِبْرَ الْحُلِيِّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَيَبِيعُهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَقَالَ أَصْلُهُ أَنَّ الْمُحَلَّى يَضْمَنُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ. قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الرِّبَا، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْغَرَامَاتِ اهـ.

وَيُقَوَّمُ مَغْشُوشُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>