للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ نِكَاحًا لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ، بَلْ يَقُولُ نَكَحْتُهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا إنْ كَانَ يُشْتَرَطُ.

ــ

[مغني المحتاج]

كَعَكْسِهِ إذَا قُلْنَا: إنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ فَيَدَّعِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا مِثْلِيَّةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِقِيمَتِهَا.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمُدَّعَى بِهِ مَسَائِلُ تَصِحُّ الدَّعْوَى فِيهَا بِالْمَجْهُولِ مِنْهَا الْإِقْرَارُ وَلَوْ بِنِكَاحٍ كَالْإِقْرَارِ بِهِ، وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ تَحَرُّزًا عَنْ ضَيَاعِهَا، وَلِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهْلَ فَكَذَا دَعْوَاهَا، وَمِنْهَا فَرْضُ الْمُفَوَّضَةِ؛ لِأَنَّهَا تَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْبَيَانُ، وَمِثْلُهُ الْمُتْعَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ وَخَطُّ الْكِتَابَةِ وَالْغُرَّةُ وَالْإِبْرَاءُ الْمَجْهُولُ فِي إبِلِ الدِّيَةِ، بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فِيهَا. وَمِنْهَا حَقُّ مَمَرٍّ أَوْ إجْرَاءُ الْمَاءِ فِي أَرْضٍ جُدِّدَتْ اكْتِفَاءً بِتَحْدِيدِ الْأَرْضِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي. وَمِنْهَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهَا. فَرْعٌ: لَوْ أَحْضَرَ وَرَقَةً فِيهَا دَعْوَاهُ، ثُمَّ ادَّعَى مَا فِي الْوَرَقَةِ، وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِمَا مَرَّ هَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلُ إذَا قَرَأَهُ الْقَاضِي أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي الْمَذْكُورُ هُنَا لِصِحَّةِ الدَّعْوَى. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى تَلْزَمُهُ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ هِبَةً أَوْ بَيْعًا أَوْ دَيْنًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ فَلْيَذْكُرْ فِي دَعْوَاهُ وُجُوبَ التَّسْلِيمِ كَأَنْ يَقُولَ: وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيَّ أَوْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ مُفْلِسًا، وَلَوْ قَصَدَ بِالدَّعْوَى رَفْعَ الْمُنَازَعَةِ لَا تَحْصِيلَ الْحَقِّ، فَقَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِي، وَهُوَ يَمْنَعْنِيهَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هِيَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ (أَوْ) لَمْ يَدَّعِ دَيْنًا وَلَا عَيْنًا، بَلْ ادَّعَى (نِكَاحًا لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ) فِيهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ (بَلْ) يُقَيَّدُ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ (يَقُولُ نَكَحْتُهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْعَدَالَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِوَلِيٍّ عَدْلٍ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمُرَادُ بِالْمُرْشِدِ مَنْ دَخَلَ فِي الرُّشْدِ أَيْ صَلُحَ لِلْوِلَايَةِ، وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ الْعَدْلِ وَالْمَسْتُورِ وَالْفَاسِقِ إذَا قُلْنَا يَلِي: أَيْ أَوْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ بِالشَّوْكَةِ (وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ وَشَاهِدَيْنِ بِغَيْرِ وَصْفِهِمَا بِالْعَدَالَةِ، فَقَدْ ذَكَرُوا فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ نِكَاحُ عَقْدٍ بِمَسْتُورَيْنِ إلَى حَاكِمٍ لَمْ يُنْقَضْ. نَعَمْ إنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ احْتَاجَ الْحَاكِمُ إلَى التَّزْكِيَةِ (وَرِضَاهَا إنْ كَانَ يُشْتَرَطُ) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقٌّ لِآدَمِيٍّ، وَإِذَا وَقَعَ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ فَاحْتِيطَ فِيهِ. وَالثَّانِي: يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِ كَالْمَالِ، وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ ذِكْرِ الْمَوَانِعِ كَالرِّدَّةِ وَالرَّضَاعِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ عَنْ الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ بِمَا مَرَّ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الشُّرُوطَ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا لِيَصِحَّ الْعَقْدُ، وَالْمَوَانِعُ يُعْتَبَرُ عَدَمُهَا، وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ فَاكْتَفَى بِهِ، وَلِأَنَّهَا كَثِيرَةٌ يَعْسُرُ ضَبْطُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>