وَقِيلَ: تُسَلَّمُ إلَى يَدِ الْمُدَّعِي، وَقِيلَ يَحْفَظُهُ الْحَاكِمُ لِظُهُورِ مَالِكٍ.
وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَائِبٍ فَالْأَصَحُّ انْصِرَافُ الْخُصُومَةِ عَنْهُ، وَيُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ قَضَى بِهَا، وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ، فَيَحْلِفُ مَعَهَا، وَقِيلَ عَلَى حَاضِرٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
قَوْلُهُ (وَقِيلَ تُسَلَّمُ إلَى يَدِ الْمُدَّعِي) إذْ لَا طَالِبَ لَهُ سِوَاهُ (وَقِيلَ يَحْفَظُهُ الْحَاكِمُ لِظُهُورِ مَالِكٍ) لَهُ.
(وَإِنْ) (أَقَرَّ بِهِ لِغَائِبٍ) عَنْ الْبَلَدِ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ لَهُ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي بِهِ (فَالْأَصَحُّ انْصِرَافُ الْخُصُومَةِ عَنْهُ) إلَيْهِ لِمَا مَرَّ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِرَقَبَةِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفُ فِي الْأَصَحِّ بَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ كَمَا مَرَّ (وَيُوقَفُ الْأَمْرُ) فِي الْإِقْرَارِ بِالْمُدَّعَى بِهِ لِغَائِبٍ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ (حَتَّى يَقْدَمَ) ذَلِكَ (الْغَائِبُ) لِأَنَّ الْمَالَ بِظَاهِرِ الْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْغَائِبَ لَوْ قَدِمَ وَصَدَّقَ أَخَذَهُ، وَالثَّانِي: لَا تَنْصَرِفُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَهُ (فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ قَضَى) لَهُ (بِهَا) وَسُلِّمَتْ لَهُ الْعَيْنُ.
تَنْبِيهٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُتَهَافِتٌ؛ لِأَنَّ وَقْفَ الْأَمْرِ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ قَضَى بِهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَيَقْضِي لَهُ اهـ.
وَبِمَا قَدَّرْتُهُ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ (وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (مَعَهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ لَهُ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ، وَهَذَا مَا نَقَلَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَقَالَا: إنَّهُ أَقْوَى وَأَلْيَقُ بِالْوَجْهِ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَقِيلَ) بَلْ هُوَ قَضَاءٌ (عَلَى حَاضِرٍ) إذْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ فَلَا يَحْلِفُ مَعَهَا، وَهَذَا مَا نَقَلَاهُ عَنْ تَرْجِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَهُ. ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ رُدَّ إلَيْهِ بِلَا حُجَّةٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْمُدَّعِي الْخُصُومَةَ مَعَهُ، وَإِنْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا لِلْغَائِبِ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْغَائِبِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ قُوَّتِهَا إذَنْ بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِوَكَالَتِهِ عَلَى الْغَائِبِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ لَا لِتَثْبُتَ الْعَيْنُ لِلْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ، بَلْ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ الْيَمِينُ وَتُهْمَةُ الْإِضَافَةِ إلَى الْغَائِبِ، سَوَاءٌ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَتُهُ لِكَوْنِهَا فِي يَدِهِ بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ أَمْ لَا، وَهَذِهِ الْخُصُومَةُ لِلْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلِلْمُدَّعِي مَعَ الْغَائِبِ خُصُومَةٌ أُخْرَى، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هِيَ مَعِي رَهْنٌ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ كَإِجَارَةٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ لِتَضَمُّنِهَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِلْغَيْرِ بِلَا نِيَابَةٍ.
تَنْبِيهٌ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهَا وَإِنْ مَا أَقَرَّ بِهِ مَلَكَ الْمُقَرُّ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لَهُ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ وَيُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ، بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلثَّانِي، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِالْعَيْنِ ثَانِيًا وَغَرِمَ لَهُ الْقِيمَةَ. ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِالْعَيْنِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute