للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا قُبِلَ إقْرَارُ عَبْدٍ بِهِ كَعُقُوبَةٍ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْجَوَابُ، وَمَا لَا كَأَرْشٍ فَعَلَى السَّيِّدِ.

ــ

[مغني المحتاج]

حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُقِرِّ لَهُ رَدَّ الْقِيمَةَ وَأَخَذَ الْعَيْنَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا لِلْحَيْلُولَةِ، وَقَدْ زَالَتْ.

فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرِهَا فَاسْتَحَقَّهَا بِحُجَّةٍ وَوَطِئَهَا وَأَوْلَدَهَا. ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ تَكُنْ زَانِيَةً بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْإِيلَادُ وَحُرِّيَّةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ بِأَنْ وَافَقَتْهُ الْجَارِيَةُ عَلَى ذَلِكَ، إذْ لَا يُرْفَعُ مَا حُكِمَ بِهِ بِرُجُوعٍ مُحْتَمَلٍ فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ تَعْتَرِفْ هِيَ بِالزِّنَا وَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ إنْ نَقَصَتْ وَلَمْ يُوَلِّدْهَا، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ إنْ أَوْلَدَهَا وَلَا يَطَؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ، فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ عَمَلًا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَوَقَفَ وَلَاؤُهَا إنْ مَاتَ قَبْلَ شِرَائِهَا، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْيَدِ وَحَلَفَ أَنَّهَا لَهُ وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَيَأْتِي فِيهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا سَبَقَ هُوَ فِي جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحُرِّ، فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَحُكْمُ جَوَابِ دَعْوَاهُ مَذْكُورٌ فِي قَاعِدَةٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ.

(وَ) هِيَ (مَا قُبِلَ إقْرَارُ عَبْدٍ بِهِ كَعُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ (فَالدَّعْوَى) بِذَلِكَ (عَلَيْهِ، وَ) كَذَا (عَلَيْهِ) أَيْضًا (الْجَوَابُ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي ذَلِكَ دُونَ السَّيِّدِ لِعَوْدِ أَثَرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى وَلَا يُطَالَبُ الْجَوَابُ كَمَا جَزَمَا بِهِ بَعْدُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَالِفِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا لِلْمُدَّعِي، وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ.

تَنْبِيهٌ تَصِحُّ الدَّعْوَى أَيْضًا عَلَى الرَّقِيقِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةِ تِجَارَةٍ أَذِنَ فِيهَا سَيِّدُهُ. وَأُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ دَعْوَى قَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فِي مَحِلِّ لَوْثٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ، وَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِرَقَبَةِ الرَّقِيقِ، صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ (وَمَا لَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ (كَأَرْشٍ) لِتَعْيِيبٍ أَوْ إتْلَافٍ (فَعَلَى السَّيِّدِ) الدَّعْوَى بِهِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا جَوَابُهَا؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ الَّتِي هِيَ مُتَعَلَّقُهَا حَقُّ السَّيِّدِ فَإِقْرَارُ الرَّقِيقِ فِيهَا لَا يُقْبَلُ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ فَفِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْوَجْهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي الذِّمَّةِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ. قَالَ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ، يَعْنِي أَنَّ الْأَرْشَ الْمُتَعَلِّقَ بِالرَّقَبَةِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ أَيْضًا، وَأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِالْمُؤَجَّلِ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ، وَبِهَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ.

تَتِمَّةٌ قَدْ تَكُونُ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرَّقِيقِ وَسَيِّدِهِ كَمَا فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّزْوِيجِ، فَلَوْ أَقَرَّ سَيِّدُ الْمُكَاتَبَةِ بِالنِّكَاحِ حَلَفَتْ، فَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ حَلَفَ السَّيِّدُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَحُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُبَعَّضَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>