فَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ رُجِّحَ الشَّاهِدَانِ فِي الْأَظْهَرِ.
وَلَوْ شَهِدَتْ لِأَحَدِهِمَا بِمِلْكٍ مِنْ سَنَةٍ، وَلِلْآخَرِ مِنْ أَكْثَرَ، فَالْأَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْأَكْثَرِ، وَلِصَاحِبِهَا الْأُجْرَةُ وَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ مِنْ يَوْمِئِذٍ.
وَلَوْ أَطْلَقَتْ بَيِّنَةٌ وَأَرَّخَتْ أُخْرَى فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
مَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (فَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ رُجِّحَ الشَّاهِدَانِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ بِإِجْمَاعٍ، وَفِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ خِلَافٌ. وَالثَّانِي: يَتَعَادَلَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ فِي الْمَالِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ.
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ يَدٌ، فَإِنْ كَانَ قُدِّمَ صَاحِبُ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى الْأَصَحِّ لِلِاعْتِضَادِ بِالْيَدِ الْمَحْسُوسَةِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي تَرْجِيحِ الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ.
(وَلَوْ) (شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (لِأَحَدِهِمَا بِمِلْكٍ) فِي عَيْنٍ (مِنْ سَنَةٍ) إلَى الْآنَ (وَ) بَيِّنَةٌ (لِلْآخَرِ) بِمِلْكٍ (مِنْ أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ إلَى الْآنَ كَسَنَتَيْنِ (فَالْأَظْهَرُ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ (تَرْجِيحُ الْأَكْثَرِ) ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي وَقْتٍ لَا تُعَارِضُهَا فِيهِ الْأُخْرَى وَفِي وَقْتٍ تُعَارِضُهَا فِيهِ الْأُخْرَى فَيَتَسَاقَطَانِ فِي مَحِلِّ التَّعَارُضِ، وَيَثْبُتُ مُوجِبُهَا فِيمَا قَبْلَ مَحِلِّ التَّعَارُضِ، وَالْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ دَوَامُهُ. وَالثَّانِي: لَا تَرْجِيحَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنَاطَ الشَّهَادَةِ الْمِلْكُ فِي الْحَالِ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِيهِ.
تَنْبِيهٌ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدٍ مُتَقَدِّمَةَ التَّارِيخِ رُجِّحَ قَطْعًا أَوْ فِي يَدٍ مُتَأَخِّرَةَ التَّارِيخِ فَسَيَأْتِي، وَصَوَّرَهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا شَهِدَا مَعَ ذَلِكَ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ الْمَسْأَلَةَ، وَلِهَذَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ السَّابِقِ لَا تُسْمَعُ فَضْلًا عَنْ أَنْ تُرَجَّحَ (وَ) عَلَى تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ يَكُونُ (لِصَاحِبِهَا الْأُجْرَةُ وَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ مِنْ يَوْمِئِذٍ) أَيْ يَوْمِ مِلْكِهِ بِالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُمَا نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأُجْرَةِ مَا لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ أَطْلَقَتْ إحْدَاهُمَا الْمِلْكَ وَبَيَّنَتْ الْأُخْرَى سَبَبَهُ، أَوْ أَنَّ الثَّمَرَةَ مِنْ شَجَرَةٍ، أَوْ الْحِنْطَةَ مِنْ بَذْرِهِ قُدِّمَتْ عَلَى الْمُطْلَقَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَلِإِثْبَاتِهَا ابْتِدَاءَ الْمِلْكِ لِصَاحِبِهَا. وَمَحِلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ يَدٍ وَإِلَّا فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ.
(وَلَوْ) (أَطْلَقَتْ بَيِّنَةٌ) شَهَادَتَهَا مِنْ تَارِيخٍ (وَأَرَّخَتْ) أَيْ قَيَّدَتْ (أُخْرَى) شَهَادَتَهَا مِمَّا أُرِّخَتْ بِهِ الْمُوَرَّخَةُ. وَقِيلَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تُقَدَّمُ الْمُؤَرَّخَةُ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْمِلْكَ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقَةِ. قَالَ: الْأَوَّلُ، لَكِنَّهَا لَا تَنْفِيهِ، وَفِي الشَّرْحِ حِكَايَةُ طَرِيقَيْنِ طَارِدٌ لِلْقَوْلَيْنِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَقَاطِعٌ بِالتَّسْوِيَةِ، وَكَيْفَ فُرِضَ؟ فَالظَّاهِرُ التَّسْوِيَةُ اهـ.
وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْحَقِّ وَالْأُخْرَى بِالْإِبْرَاءِ وَأَطْلَقَتْ إحْدَاهُمَا وَأَرَّخَتْ الْأُخْرَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ كَمَا قَالَهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضِهِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute