وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَاحِبِ مُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ يَدٌ قُدِّمَ، وَأَنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِهِ أَمْسِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يَقُولُوا وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ أَوْ وَلَا نَعْلَمُ مُزِيلًا لَهُ.
وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ الْآنَ اسْتِصْحَابًا لِمَا سَبَقَ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ
ــ
[مغني المحتاج]
الْوُجُوبِ (وَ) الْمَذْهَبُ كَمَا يُشْعِرُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ (أَنَّهُ لَوْ) (كَانَ لِصَاحِبِ مُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ يَدٌ قُدِّمَ) عَلَى صَاحِبِ مُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ لِتَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ حَالًّا فَتَتَسَاقَطَانِ فِيهِ وَيَبْقَى مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الْيَدُ وَمِنْ الْأُخْرَى الْمِلْكُ السَّابِقُ، وَالْيَدُ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ، وَلِهَذَا لَا تُزَالُ بِهِ الْيَدُ. وَالثَّانِي: يُرَجَّحُ السَّبْقُ. وَالثَّالِثُ: يَتَسَاقَطَانِ وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْأَوَّلِ، وَبِهِ يَتِمُّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ؛ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَذْهَبِ، وَلَوْ كَانَتْ الْيَدُ لِصَاحِبِ مُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ قُدِّمَ قَطْعًا.
تَنْبِيهٌ شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةَ التَّارِيخِ شَاهِدَةً بِوَقْفٍ وَالْمُتَأَخِّرَةُ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ شَاهِدَةً بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ، وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَمَلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْيَدَ عَادِيَةٌ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِهَا عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بَعْضِهِمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ، فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ، وَيُشْتَرَطُ فِي سَمَاعِ بَيِّنَةٍ بِمِلْكٍ سَابِقٍ أَنْ تَسْتَصْحِبَهُ إلَى الْحَالِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهَا) أَيْ الْبَيِّنَةَ (لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِهِ أَمْسِ) بِكَسْرِ السِّينِ، أَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِ الشَّهْرِ الْمَاضِي مَثَلًا (وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ تُسْمَعْ) تِلْكَ الشَّهَادَةُ (حَتَّى يَقُولُوا) مَعَ ذَلِكَ (وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ، أَوْ) يَقُولُوا (وَلَا نَعْلَمُ مُزِيلًا لَهُ) أَيْ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ السَّابِقِ لَا تُسْمَعُ فَكَذَا الْبَيِّنَةُ، وَلِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِمَا لَمْ يَدَّعِهِ، وَفِي قَوْلٍ تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَوْلِ وَيَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ أَمْسِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ.
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ السَّمَاعِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: مَا لَوْ ادَّعَى رِقَّ شَخْصٍ بِيَدِهِ وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمْسِ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا إثْبَاتُ الْعِتْقِ وَذِكْرُ الْمِلْكِ السَّابِقِ وَقَعَ تَبَعًا. الثَّانِيَةُ: مَا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّ هَذَا الْمَمْلُوكَ وَضَعَتْهُ أَمَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ هَذِهِ الثَّمَرَةُ أَثْمَرَتْهَا نَخْلَتُهُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمِلْكِ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ فِي الْحَالِّ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ. ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ هُوَ كَالْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ. الثَّالِثَةُ: إذَا شَهِدَتْ أَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيهِ أَيْضًا وَذَكَرَ مَعَهُ مَا إذَا شَهِدَتْ أَنَّ هَذَا الطَّيْرَ مِنْ بَيْضِهِ وَالْآجُرَّ مِنْ طِينِهِ. الرَّابِعَةُ: إذَا شَهِدَتْ أَنَّهَا مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ وَرِثَهَا. قَالَ الْعِمْرَانِيُّ: حُكِمَ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَذَكَرَ أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَالْمُزَنِيَّ نَقَلَا ذَلِكَ. الْخَامِسَةُ: إذَا شَهِدَتْ أَنَّهَا مِلْكُهُ أَمْسِ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ قُبِلَتْ. السَّادِسَةُ: لَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ اشْتَرَاهَا الْمُدَّعِي مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَلَمْ يَقُولُوا وَهِيَ الْآنَ مِلْكُ الْمُدَّعِي قُبِلَتْ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْجُمْهُورِ، وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِمِلْكٍ أَصْلًا بَلْ شَهِدَتْ عَلَى حَاكِمٍ فِي زَمَنٍ سَابِقٍ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ الْمِلْكُ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: كَعَادَةِ الْمَكَاتِيبِ فِي هَذَا الزَّمَانِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَيُحْتَمَلُ التَّوَقُّفُ.
(وَتَجُوزُ) (الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ الْآنَ) (اسْتِصْحَابًا لِمَا) أَيْ لِحُكْمٍ (سَبَقَ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute