وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مُمْكِنًا مِنْهُمَا وَتَنَازَعَاهُ بِأَنْ وَطِئَا امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ أَوْ مُشْتَرَكَةً لَهُمَا أَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَ فَوَطِئَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ أَمَتَهُ فَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ مَنْكُوحَةً فِي الْأَصَحِّ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ يَدٌ أَوْ لَا، وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي اللَّقِيطِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ عَنْ الْتِقَاطٍ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِلَّا قُدِّمَ صَاحِبُ الْيَدِ إنْ تَقَدَّمَ اسْتِلْحَاقُهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَصَحُّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ (وَكَذَا لَوْ) (اشْتَرَكَا) أَيْ رَجُلَانِ (فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ (فَوَلَدَتْ وَلَدًا مُمْكِنًا) أَيْ مِنْ كُلٍّ (مِنْهُمَا وَتَنَازَعَاهُ) أَيْ ادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، وَسَكَتَ الْآخَرُ أَوْ أَنْكَرَ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ حَيْضَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَلَوْ كَانَ بَالِغًا مُكَلَّفًا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، ثُمَّ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْوَطْءِ فِي صُوَرٍ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ) (وَطِئَا امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ وَجَدَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا فِي فِرَاشِهِ فَظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ (أَوْ) بِأَنْ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَةً (مُشْتَرَكَةً لَهُمَا، أَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَ فَوَطِئَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ) وَطِئَ (أَمَتَهُ فَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِهِمَا وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْقَائِفِ بِمَا تَقَدَّمَ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: ٤] وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ لَكَانَ لَهُ قَلْبٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَبِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ شَخْصَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ مَاءُ الْمَرَّةِ وَانْعَقَدَ الْوَلَدُ مِنْهُ حَصَلَتْ عَلَيْهِ غِشَاوَةٌ تَمْنَعُ مِنْ اخْتِلَاطِ مَاءِ الثَّانِي بِمَاءِ الْأَوَّلِ كَمَا نُقِلَ عَنْ إجْمَاعٍ الْأَطِبَّاءِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي وَطْءٍ ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَيْسَ هَذَا بِمُعْتَبَرٍ عِنْدِي فِي هَذَا الْمَكَانِ، بَلْ لَوْ لَمْ تَدْخُلْ الْحَشَفَةُ كُلُّهَا وَأَنْزَلَ دَاخِلَ الْفَرْجِ كَانَ كَالْوَطْءِ، وَكَذَا الْإِنْزَالُ خَارِجَ الْفَرْجِ بِحَيْثُ دَخَلَ الْمَاءُ فِي الْفَرْجِ وَاسْتِدْخَالُ الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ وَطِئَا بِشُبْهَةٍ أَوْ مُشْتَرَكَةً لَهُمَا هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْمُشْتَرَكَةِ شُبْهَةٌ، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقَعَ الْوَطْآنِ فِي طُهْرٍ، فَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا حَيْضَةٌ فَهُوَ لِلثَّانِي، وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ ذِكْرُهُ لَهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِجَمِيعِ الصُّوَرِ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ فِي بَعْضِهَا (وَكَذَا لَوْ) (وَطِئَ) بِشُبْهَةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (مَنْكُوحَةً) لِغَيْرِهِ نِكَاحًا صَحِيحًا وَوَلَدَتْ مُمْكِنًا مِنْهُ وَمِنْ زَوْجِهَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا وَلَا يَتَعَيَّنُ الزَّوْجُ لِلْإِلْحَاقِ، بَلْ الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الِاشْتِبَاهِ. وَالثَّانِي: يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ لِقُوَّةِ فِرَاشِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى الْوَطْءِ، وَلَا يَكْفِي اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَطْءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلُودِ حَقًّا فِي النَّسَبِ وَاتِّفَاقُهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَيُعْرَضُ بِتَصْدِيقِهِ إنْ بَلَغَ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمَتْنِ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةِ الْوَطْءِ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَلَدِ الْمُكَلَّفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute