فَإِذَا وَلَدَتْ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْأَيْهِمَا وَادَّعَيَاهُ عُرِضَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَطْأَيْهِمَا حَيْضَةٌ فَلِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَسَوَاءٌ فِيهِمَا اتَّفَقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً أَمْ لَا.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ لَوْ أَلْقَتْ سَقْطًا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ. قَالَ الْفُورَانِيُّ: إذَا ظَهَرَ فِيهِ التَّخْطِيطُ دُونَ مَا لَمْ يَظْهَرْ وَفَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَمَةً وَبَاعَهَا أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ بَعْدَ الْوَطْءِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فِي أَنَّ الْبَيْعَ هَلْ يَصِحُّ وَأُمِّيَّةُ الْوَلَدِ عَمَّنْ تَثْبُتُ؟ ، وَفِي الْحُرَّةِ أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِهِ عَمَّنْ كَانَ مُتَّهَمًا (فَإِذَا وَلَدَتْ) تِلْكَ الْمَوْطُوءَةُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ (لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ) وَكَذَا (مِنْ وَطْأَيْهِمَا وَادَّعَيَاهُ) أَيْ الْوَلَدَ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَادَّعَيَاهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ أَوْ نَكَلَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَطْأَيْهِمَا حَيْضَةٌ فَلِلثَّانِي) مِنْ الْوَاطِئَيْنِ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي حُصُولِ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْأَوَّلِ فَيَنْقَطِعُ تَعَلُّقُهُ عَنْهُ، وَإِذَا انْقَطَعَ عَنْ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ فِرَاشَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ بَعْدَ وُجُودِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَهُ الْأَوَّلُ أَمْ لَا اللَّهُمَّ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) (الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَالثَّانِي مِنْهُمَا وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ فِرَاشِ النِّكَاحِ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِ الْوَطْءِ، وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَّا بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ (وَسَوَاءٌ فِيهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ (اتَّفَقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً) بِكَوْنِهِمَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ (أَمْ لَا) كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحُرٍّ وَعَبْدٍ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَخْتَلِفُ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، فَلَوْ ادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ بَيِّنَةً تَبِعَهُ نَسَبًا وَدِينًا، كَمَا لَوْ أَقَامَهَا الْمُسْلِمُ أَوْ لَحِقَهُ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ أَوْ بِنَفْسِهِ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا تَبِعَهُ نَسَبًا لَا دِينًا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، فَلَا يَحْضُنُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِحَضَانَتِهِ، أَوْ ادَّعَاهُ حُرٌّ وَعَبْدٌ وَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْعَبْدِ، أَوْ لَحِقَ بِهِ بِنَفْسِهِ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ وَكَانَ حُرًّا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَلَدٌ مِنْ حُرَّةٍ.
تَنْبِيهٌ لَوْ عُدِمَ الْقَائِفُ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ بِأَنْ تَحَيَّرَ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا وَيَخْتَارَ الِانْتِسَابَ إلَى أَحَدِهِمَا بِحَسَبِ الْمَيْلِ الَّذِي يَجِدُهُ وَيُحْبَسُ لِيَخْتَارَ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِانْتِسَابِ إلَّا إنْ لَمْ يَجِدْ مَيْلًا إلَى أَحَدِهِمَا فَيُوقَفُ الْأَمْرُ، وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ قَائِفِ إلَّا قَبْلِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّهِ لِسُقُوطِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَكَذَا لَا يُصَدَّقُ لِغَيْرِ الْآخَرِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ إمْكَانِ تَعَلُّمِهِ مَعَ امْتِحَانٍ لَهُ بِذَلِكَ.
خَاتِمَةٌ
لَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْهُولًا نَسَبَهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَأَنْكَرَتْهُ زَوْجَتُهُ لَحِقَهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ دُونَهَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ أُخْرَى وَإِنْ ادَّعَتْهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ امْرَأَةٌ أُخْرَى وَأَنْكَرَهُ زَوْجُهَا وَأَقَامَ زَوْجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute