للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فِي الْأَصَحِّ.

وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا.

ــ

[مغني المحتاج]

الْإِجَارَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(وَكَذَا) لَهُ (تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا) (فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنَافِعِهَا، فَمَلَكَ تَزْوِيجَهَا كَالْمُدَبَّرَةِ. وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهَا كَالْمُكَاتَبَةِ. وَالثَّالِثُ: لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَذِنَتْ؛ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ فِي نَفْسِهَا وَوِلَايَةُ السَّيِّدِ نَاقِصَةٌ، فَأَشْبَهَتْ الصَّغِيرَةَ لَا يُزَوِّجُهَا الْأَخُ بِإِذْنِهَا، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَظْهَرِ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّ الْخِلَافَ أَقْوَالٌ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. وَلَهُ تَزْوِيجُ بِنْتِهَا جَبْرًا لِمَا مَرَّ فِي أُمِّهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِبْرَائِهَا، بِخِلَافِهِ لِفِرَاشِهَا، وَلَا يُجْبَرُ ابْنُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ، وَبِإِذْنِهِ يَجُوزُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى الْكَافِرُ فَلَا يُزَوِّجُ مُسْتَوْلَدَتَهُ الْمُسْلِمَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَا اسْتَثْنَاهُ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّ الْمُبَعَّضَ لَا يُزَوِّجُ مُسْتَوْلَدَتَهُ مَمْنُوعٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ.

(وَيَحْرُمُ) وَيَبْطُلُ (بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ السَّابِقِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثِ، وَلِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ فِيهِمَا وَقِيَاسًا لِلثَّانِي عَلَيْهِمَا، وَلِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيطًا عَلَى الْمَبِيعِ وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهَا. وَاشْتَهَرَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ وَأَنَا الْآنَ أَرَى بَيْعَهُنَّ، فَقَالَ عُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ رَأْيُك مَعَ رَأْيِ عُمَرَ، وَفِي رِوَايَةٍ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك، فَقَالَ اقْضُوا فِيهِ مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ الْجَمَاعَةَ، فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا نُقِضَ حُكْمُهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ، وَمَا كَانَ فِي بَيْعِهَا مِنْ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ، فَقَدْ انْقَطَعَ وَصَارَ مُجْمَعًا عَلَى مَنْعِهِ. وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ «كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ سَرَارِينَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَدِيمُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ،

فَأُجِيبَ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ فِيهِ قَوْلًا وَنَصًّا وَهُوَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ عَنْ الدَّارَقُطْنِيّ وَقِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ كَمَا «قَالَ ابْنُ عُمَرَ كُنَّا نُخَابِرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَتَرَكْنَاهَا» .

فَائِدَةٌ: قَدْ نَاظَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُد ابْنَ سُرَيْجٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهَا قَبْلَ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ كَانَتْ تُبَاعُ فَيُسْتَصْحَبُ هَذَا الْإِجْمَاعُ إلَى أَنْ يَثْبُتَ مَا يُخَالِفُهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهَا حِينَ كَانَتْ حَامِلًا بِحُرٍّ لَا تُبَاعُ فَيُسْتَصْحَبُ هَذَا الْإِجْمَاعُ الْقَرِيبُ إلَى أَنْ يَثْبُتَ مَا يُخَالِفُهُ فَأَفْحَمَهُ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يَقْتَضِي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَنْعَ كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ اعْتِيَاضٌ عَنْ الرَّقَبَةِ، وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ الْجَوَازُ، وَأَشْهَرُ قَرْنِهِ الْبَيْعَ بِالْهِبَةِ أَنَّهُ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>