وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا فَالْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَهِيَ.
ــ
[مغني المحتاج]
حَرُمَ بَيْعُهَا حَرُمَ هِبَتُهَا وَعَكْسُهُ، لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَرْهُونَةَ وَالْجَانِيَةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَنْعُ بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَبَيْعِهَا فِي ذَلِكَ هِبَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْقَبُولِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعِتْقُهَا يَقَعُ عَقِبَهُ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَلَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَلَا مِمَّنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا، فَإِنَّا وَلَوْ قُلْنَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي افْتِدَاءٌ، وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ يَثْبُتُ لَهُ فِيهِ الْخِيَارُ فَفِيهِ نَقْلُ مِلْكٍ كَالصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْبِنَاءِ الْمَارِّ فِي بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ السَّيِّدُ حُرَّ الْكُلِّ. أَمَّا إذَا كَانَ مُبَعَّضًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ كَمَا مَرَّ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا، فَلَوْ عَادَتْ لِمِلْكِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ الِاسْتِيلَادُ؛ لِأَنَّا أَبْطَلْنَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ. بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْمَرْهُونَةِ إذَا بِيعَتْ ثُمَّ مَلَكَهَا الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْطَلْنَا الِاسْتِيلَادَ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَقَدْ زَالَ تَعَلُّقُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ.
(وَلَوْ) (وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ) أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ بِأَنْ ظَنَّ الْوَاطِئُ فِيهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ (أَوْ زِنًا) بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ (فَالْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَهِيَ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَكَذَا فِي سَبَبِهَا اللَّازِمِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى عِتْقِ الْأُمِّ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ السَّيِّدِ بَقِيَ الِاسْتِيلَادُ فِيهِ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَزُولُ فِيهَا حُكْمُ الْمَتْبُوعِ وَيَبْقَى حُكْمُ التَّابِعِ كَمَا فِي نِتَاجِ الْمَاشِيَةِ فِي الزَّكَاةِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا مَاتَتْ أَوْ عَجَزَتْ نَفْسُهَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا تَبَعًا بِلَا أَدَاءً مِنْهُ أَوْ نَحْوِهِ، وَوَلَدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ إنَّمَا يَعْتِقُ بِمَا تَعْتِقُ هِيَ بِهِ وَهُوَ مَوْتُ السَّيِّدِ، وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرَةَ لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ كَالْعَكْسِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا أَعْتَقَهَا يَعْتِقُ وَلَدُهَا، وَوَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ وَالْهَدْيِ لَهُ حُكْمُهَا لِزَوَالِ الْمِلْكِ عَنْهَا، وَوَلَدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا كَالْأُمِّ، رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ وَالْمُؤَجَّرَةُ وَالْمُعَارَةُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهَا إلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْتَضِيه، وَوَلَدُ الْمَرْهُونَةِ الْحَادِثُ بَعْدَ الرَّهْنِ غَيْرُ مَرْهُونٍ، وَوَلَدُ الْمَضْمُونَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَوَلَدُ الْمَغْصُوبَةِ غَيْرُ مَغْصُوبٍ وَوَلَدُ الْمُودَعَةِ كَالثَّوْبِ الَّذِي طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ وَوَلَدُ الْجَانِيَةِ لَا يَتْبَعُهَا فِي الْجِنَايَةِ وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّينَ مُرْتَدٌّ، وَوَلَدُ الْعَدُوِّ تَصِحُّ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوِّ أَصْلِهِ وَوَلَدُ مَالِ الْقِرَاضِ يَفُوزُ بِهِ الْمَالِكُ وَوَلَدُ الْمُسْتَأْجَرَةِ غَيْرُ مُسْتَأْجَرٍ وَوَلَدُ الْمَوْقُوفَةِ لَا يَتَعَدَّى الْوَقْفُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْوَقْفِ حُصُولُ الْفَوَائِدِ وَالْمَنَافِعِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَضَابِطُ مَا يَتَعَدَّى إلَى الْوَلَدِ كُلُّ مَا لَا يَقْبَلُ الرَّفْعَ كَمَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ جَارِيَتِهِ يَجِبُ عِتْقُ وَلَدِهَا، وَكَذَا وَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ اهـ.
فَإِنْ قِيلَ: يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ صُورَتَانِ. إحْدَاهُمَا: إذَا أَحْبَلَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَةَ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَتُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، فَإِذَا بِيعَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْلَادًا. ثُمَّ مَلَكَهَا الرَّاهِنُ هِيَ وَأَوْلَادَهَا فَإِنَّهَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً عَلَى الصَّحِيحِ وَأَوْلَادَهَا أَرِقَّاءُ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute