للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ لَا يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ، وَلَا قَلِيلٍ انْتَشَرَ بِعَرَقٍ وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ بِالْعَادَةِ. قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَفْوُ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَدَمُ الْبَثَرَاتِ كَالْبَرَاغِيثِ، وَقِيلَ: إنْ عَصَرَهُ فَلَا، وَالدَّمَامِيلُ وَالْقُرُوحُ، وَمَوْضِعُ الْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ قِيلَ كَالْبَثَرَاتِ، وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَدُومُ غَالِبًا فَكَالِاسْتِحَاضَةِ، وَإِلَّا

فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا

ــ

[مغني المحتاج]

الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، وَالذُّبَابُ مُفْرَدٌ، وَجَمْعُهُ ذِبَّانٌ بِالْكَسْرِ وَأَذِبَّةٌ، وَلَا يُقَالُ ذِبَّانَةٌ بِنُونٍ قَبْلَ الْهَاءِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَالْأَصَحُّ لَا يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ) لِنُدْرَتِهِ وَلِسُهُولَةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (وَلَا) عَنْ (قَلِيلٍ انْتَشَرَ) مِنْهُ (بِعَرَقٍ) لِمُجَاوَزَتِهِ مَحَلَّهُ، وَلِأَنَّ الْبَلْوَى بِهِ لَا تَعُمُّ (وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ (بِالْعَادَةِ) فَمَا يَقَعُ التَّلَطُّخُ بِهِ غَالِبًا، وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ قَلِيلٌ، وَإِنْ زَادَ فَكَثِيرٌ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ، وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْمُصَلِّي فَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْكَثِيرُ مَا يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَإِمْعَانِ نَظَرٍ، وَالْقَلِيلُ دُونَهُ، وَلِلْمَشْكُوكِ فِي كَثْرَتِهِ حُكْمُ الْقَلِيلِ.

وَالثَّانِي: يُعْفَى عَنْهُمَا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا الْجِنْسِ عُسْرُ الِاحْتِرَازِ فَيَلْحَقُ غَيْرُ الْغَالِبِ مِنْهُ بِالْغَالِبِ كَمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ يَتَرَخَّصُ، وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ فِيهِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِمَّا يُوجِبُ الْمَشَقَّةَ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَفْوُ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ: قَلَّ أَوْ كَثُرَ انْتَشَرَ بِعَرَقٍ أَمْ لَا لِمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ أَصَابَهُ الدَّمُ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَوْ حَمَلَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ فِي كُمِّهِ، أَوْ فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ لَبِسَهُ، وَكَانَتْ الْإِصَابَةُ بِفِعْلِهِ قَصْدًا كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ قَلِيلٍ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّوْمِ، وَمِثْلُ دَمِ الْبَرَاغِيثِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا ذَكَرَ مَعَهُ، وَمِمَّا هُوَ آتٍ، وَمِثْلُ حَمْلِهِ مَا لَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى تَمَامِ لِبَاسِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمُقْتَضَاهُ مَنْعُ زِيَادَةِ الْكُمِّ عَلَى الْأَصَابِعِ وَلُبْسُ ثَوْبٍ آخَرَ لَا لِغَرَضٍ مِنْ تَجَمُّلٍ وَنَحْوِهِ. اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَلَوْ وَقَعَ الثَّوْبُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: حُكِمَ بِتَنْجِيسِهِ (وَدَمُ الْبَثَرَاتِ) وَهِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (كَالْبَرَاغِيثِ) أَيْ: كَدَمِهَا، فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ قَطْعًا، وَعَنْ كَثِيرِهِ عَلَى الرَّاجِحِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنْهَا غَالِبًا، فَلَوْ وَجَبَ الْغُسْلُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَشَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَمَّا مَا خَرَجَ مِنْهَا بِفِعْلِهِ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ وَمِنْ كَلَامِ الْكِفَايَةِ (وَقِيلَ: إنْ عَصَرَهُ فَلَا) يُعْفَى عَنْهُ، لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ (وَالدَّمَامِيلُ وَالْقُرُوحُ) أَثَرُ الْجِرَاحَاتِ (وَمَوْضِعُ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ قِيلَ كَالْبَثَرَاتِ) فَيُعْفَى عَنْ دَمِهَا، وَإِنْ كَثُرَ عَلَى مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَالِبَةً فَلَيْسَتْ بِنَادِرَةٍ (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهَا لَيْسَتْ مِثْلَهَا لِأَنَّهَا لَا تَكْثُرُ كَثْرَتَهَا، بَلْ يُقَالُ فِي جُزْئِيَّاتِ دَمِهَا (إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَدُومُ غَالِبًا فَكَالِاسْتِحَاضَةِ) أَيْ: كَدَمِهَا فَيَجِبُ الِاحْتِيَاطُ لَهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِإِزَالَةِ مَا أَصَابَ مِنْهُ وَعَصْبِ مَحَلِّ خُرُوجِهِ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، وَيُعْفَى عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ كَمَا مَرَّ فِي مَوْضِعِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَدُومُ غَالِبًا.

(فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ) يُصِيبُهُ (فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>