للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْفَى، وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهَا كَالْبَثَرَاتِ، وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْقَيْحُ، وَالصَّدِيدُ كَالدَّمِ، وَكَذَا مَاءُ الْقُرُوحِ وَالْمُتَنَفِّطِ الَّذِي لَهُ رِيحٌ، وَكَذَا فِي بِلَا رِيحٍ فِي الْأَظْهَرِ. قُلْت: الْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

يُعْفَى) عَنْهُ: أَيْ: مَا لَا يَدُومُ غَالِبًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا كَمَا أَنَّ دَمَ الْأَجْنَبِيِّ كَذَلِكَ (وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ) كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ فِي دَمِ الْأَجْنَبِيِّ، وَمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْفَى رَاجِعٌ إلَى مَا لَا يَدُومُ غَالِبًا هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَجَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ رَاجِعًا إلَى دَمِ الْأَجْنَبِيِّ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى أَوْ مُتَعَيَّنٌ (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ: دَمَ الدَّمَامِيلِ وَالْقُرُوحِ، وَمَوْضِعَ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ (كَالْبَثَرَاتِ) فِيمَا مَرَّ، فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ خَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ فَصَحَّحَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ عَلَى طُهْرِ التَّيَمُّمِ. اهـ.

وَالْأَوْلَى حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ أَوْ انْتَقَلَ عَنْ مَحَلِّهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي مَنْهَجِهِ وَشَرْحِهِ (وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ) مِنْ نَفْسِهِ كَأَنْ انْفَصَلَ مِنْهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ نَحْوِ الْكَلْبِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ جِنْسَ الدَّمِ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْعَفْوُ فَيَقَعُ الْقَلِيلُ مِنْهُ فِي مَحَلِّ الْمُسَامَحَةِ. قَالَ فِي الْأُمِّ: وَالْقَلِيلُ مَا تَعَافَاهُ النَّاسُ أَيْ: عَدُّوهُ عَفْوًا، وَعَنْ الْقَدِيمِ يُعْفَى عَمَّا دُونَ الْكَفِّ. أَمَّا دَمُ نَحْوِ الْكَلْبِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ.

وَكَذَا لَوْ أَخَذَ دَمًا أَجْنَبِيًّا وَلَطَّخَ بِهِ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ، فَإِنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ حَرَامٌ (وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا فِي بَابِ النَّجَاسَةِ (كَالدَّمِ) فِيمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُمَا دَمَانِ اسْتَحَالَا إلَى نَتْنٍ وَفَسَادٍ (وَكَذَا مَاءُ الْقُرُوحِ وَالْمُتَنَفِّطِ الَّذِي لَهُ رِيحٌ) كَالدَّمِ قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ (وَكَذَا بِلَا رِيحٍ فِي الْأَظْهَرِ) قِيَاسًا عَلَى الصَّدِيدِ الَّذِي لَا رَائِحَةَ لَهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ كَالْعَرَقِ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قُلْت: الْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُ) قَطْعًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ سَائِرِ الدِّمَاءِ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ، وَلَوْ دَمَ نَفْسِهِ كَأَنْ خَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ دَمٌ أَوْ دَمَتْ لِثَتُهُ لَمْ يَعْفُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، نَعَمْ يُعْفَى عَنْ مَاءِ الطَّهَارَةِ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَضْعَهُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ: لَوْ تَنَجَّسَ أَسْفَلُ الْخُفِّ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ لَا يَمْسَحُ عَلَى أَسْفَلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَسَحَهُ زَادَ التَّلْوِيثُ وَلَزِمَهُ حِينَئِذٍ غَسْلُهُ وَغَسْلُ الْيَدِ. اهـ.

وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ نَحْوِ بَرَاغِيثَ وَبَدَنُهُ رَطْبٌ، فَقَالَ الْمُتَوَلِّي يَجُوزُ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَلْوِيثِ بَدَنِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَفَقُّهًا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الرُّطُوبَةُ بِمَاءِ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ مَطْلُوبٍ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِعَرَقٍ وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْمَاءِ حَالَ شُرْبِهِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ حَالَ أَكْلِهِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>