وَإِلَّا فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ، لَا قَلِيلِهِ، وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ، فَالْخُطْوَتَانِ أَوْ الضَّرْبَتَانِ قَلِيلٌ، وَالثَّلَاثُ كَثِيرٌ إنْ تَوَالَتْ، وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ لَا الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ فِي سَبْحَةٍ، أَوْ حَكٍّ فِي
ــ
[مغني المحتاج]
قَوْلِيًّا غَيْرَ السَّلَامِ أَوْ كَرَّرَهُ عَمْدًا، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ عَلَى النَّصِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي، أَمَّا نَقْلُ السَّلَامِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَفْعُولُ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِهَا كَالْمَشْيِ وَالضَّرْبِ (فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ) وَلَوْ سَهْوًا لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ. أَمَّا إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَصَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ الْمُتَنَفِّلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ إذَا احْتَاجَ إلَى تَحْرِيكِ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَإِنْ كَثُرَ (لَا قَلِيلِهِ) وَلَوْ عَمْدًا، وَفَارَقَ الْفِعْلُ الْقَوْلَ حَيْثُ اسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فِي الْإِبْطَالِ بِأَنَّ الْفِعْلَ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، فَعُفِيَ عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ، وَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى، وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ بِنْتِهِ، فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» (١) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ» . نَعَمْ الْأَكْلُ الْقَلِيلُ الْعَمْدُ يُبْطِلُهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَكَذَا الْفِعْلُ الْقَلِيلُ بِقَصْدِ اللَّعِبِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ (وَالْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ (بِالْعُرْفِ) فِي الْأَصَحِّ فَمَا يَعُدُّهُ النَّاسُ قَلِيلًا كَخَلْعِ الْخُفِّ وَلُبْسِ الثَّوْبِ الْخَفِيفِ وَقَتْلِ قَمْلَةٍ وَدَمُهَا عَفْوٌ فَقَلِيلٌ، نَعَمْ إنْ حَمَلَ جِلْدَ الْقَمْلَةِ الْمَقْتُولَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بِقَوْلِ (فَالْخُطْوَتَانِ) الْمُتَوَسِّطَتَانِ (أَوْ الضَّرْبَتَانِ) كَذَلِكَ أَوْ الْإِشَارَةُ بِرَدِّ السَّلَامِ (قَلِيلٌ) لِحَدِيثِ خَلْعِ النَّعْلَيْنِ وَمَا يَعُدُّهُ النَّاسُ كَثِيرًا مِمَّا ذُكِرَ أَوْ غَيْرِهِ فَكَثِيرٌ، وَقَدْ مَثَّلَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَالثَّلَاثُ) مِنْ ذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ (كَثِيرٌ إنْ تَوَالَتْ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْخُطُوَاتِ أَمْ أَجْنَاسٍ كَخُطْوَةٍ وَضَرْبَةٍ وَخَلْعِ نَعْلٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْخُطُوَاتُ الثَّلَاثُ بِقَدْرِ خُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ.
وَقِيلَ: الْقَلِيلُ مَا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى كِلْتَا الْيَدَيْنِ، وَالْكَثِيرُ مَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ كَعَقْدِ الْإِزَارِ وَالتَّعَمُّمِ، وَقِيلَ: الْكَثِيرُ مَا يَسَعُ وَقْتُهُ رَكْعَةً، وَالْقَلِيلُ خِلَافُهُ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: إنْ تَوَالَتْ مَا لَوْ أَتَى بِالثَّلَاثِ مُتَفَرِّقَةً بِحَيْثُ تُعَدُّ الثَّانِيَةُ مَثَلًا مُنْقَطِعَةً عَنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مُنْقَطِعَةً عَنْ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِحَدِيثِ حَمْلِ أُمَامَةَ، وَعِنْدَ الْبَغَوِيِّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ رَكْعَةٍ، وَلَوْ فَعَلَ وَاحِدَةً بِنِيَّةِ الثَّلَاثِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيِّ، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِحَرْفٍ وَنَوَى أَنْ يَأْتِيَ بِحَرْفَيْنِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ تَرَدَّدَ فِي فِعْلٍ فَعَلَهُ هَلْ وَصَلَ إلَى حَدِّ الْكَثْرَةِ أَوْ لَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ) لِمُنَافَاتِهَا لِلصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ (الْفَاحِشَةِ) يُفْهِمُ أَنَّ لَنَا وَثْبَةً غَيْرَ فَاحِشَةٍ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَلِذَلِكَ عَدَلَ ابْنُ الْمُقْرِي عَنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ فَحُشَتْ الْفَعْلَةُ كَوَثْبَةٍ بَطَلَتْ (لَا الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ) بِلَا حَرَكَةِ كَفِّهِ (فِي سُبْحَةٍ) أَوْ عَقْدٍ أَوْ حَلٍّ (أَوْ حَكٍّ) أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَتَحْرِيكِ لِسَانِهِ أَوْ أَجْفَانِهِ أَوْ شَفَتَيْهِ أَوْ ذَكَرِهِ مِرَارًا وَلَاءً فَلَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ (فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute