الْأَصَحِّ، وَسَهْوُ الْفِعْلِ كَعَمْدِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَتَبْطُلُ بِقَلِيلِ الْأَكْلِ. قُلْتُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَلَوْ كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ فَبَلِعَ ذَوْبَهَا بَطَلَتْ فِي الْأَصَحِّ.
وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي إلَى جِدَارٍ، أَوْ سَارِيَةٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَصَحِّ) إذْ لَا يُخِلُّ ذَلِكَ بِهَيْئَةِ الْخُشُوعِ وَالتَّعْظِيمِ فَأَشْبَهَ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ.
وَالثَّانِي: تَبْطُلُ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ فَأَشْبَهَتْ الْخُطُوَاتِ، فَإِنْ حَرَّكَ كَفَّهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً بَطَلَتْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَصَابِعِ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِهِ جَرَبٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الصَّبْرِ لَمْ تَبْطُلْ بِتَحْرِيكِ كَفِّهِ ثَلَاثًا وِلَاءً كَمَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي كَافِيهِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ فَتَحَ كِتَابًا، وَفَهِمَ مَا فِيهِ أَوْ قَرَأَ فِي مُصْحَفٍ، وَلَوْ قَلَّبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانًا لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ أَوْ غَيْرُ مُتَوَالٍ لَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ، وَالْقَلِيلُ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي يُبْطِلُ كَثِيرُهُ إذَا تَعَمَّدَهُ بِلَا حَاجَةٍ مَكْرُوهٌ، لَا فِي فِعْلٍ مَنْدُوبٍ كَقَتْلِ نَحْوِ حَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ، فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا مَرَّ.
فَائِدَةٌ: هَلْ الْخُطْوَةُ نَقْلُ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ حَتَّى يَكُونَ نَقْلُ الْأُخْرَى إلَى مُحَاذَاتِهَا خُطْوَةً أُخْرَى، أَوْ نَقْلُ الْأُخْرَى إلَى مُحَاذَاتِهَا دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْخُطْوَةِ؟ قَالَ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: كُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ. أَمَّا نَقْلُ كُلٍّ مِنْ الرِّجْلَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ إلَى التَّقَدُّمِ أَوْ التَّأَخُّرِ إلَى الْأُخْرَى فَخُطْوَتَانِ بِلَا إشْكَالٍ. اهـ.
وَالْمُتَّجَهُ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ شَيْخِي، وَهُوَ أَنَّ نَقْلَ الرِّجْلِ الْأُخْرَى خُطْوَةٌ ثَانِيَةٌ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْخُطْوَةَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ. وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَاسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ (وَسَهْوُ الْفِعْلِ) الْمُبْطِلِ لِفُحْشِهِ أَوْ كَثْرَتِهِ (كَعَمْدِهِ) فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيُبْطِلُ كَثِيرُهُ وَفَاحِشُهُ لِنُدُورِ السَّهْوِ؛ وَلِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ وَالثَّانِي، وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ كَعَمْدِ قَلِيلِهِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لِمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَجَهْلُ التَّحْرِيمِ كَالسَّهْوِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي (وَتَبْطُلُ بِقَلِيلِ الْأَكْلِ) لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ بِهِ كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ الْقَلِيلَةِ، أَمَّا الْكَثِيرُ فَتَبْطُلُ بِهِ قَطْعًا، وَيُرْجَعُ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ إلَى الْعُرْفِ كَمَا مَرَّ وَهَلْ الْمُبْطِلُ الْفِعْلُ أَوْ وُصُولُ الْمُفَطِّرِ جَوْفَهُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَضْغَ أَيْضًا مِنْ الْأَفْعَالِ (قُلْت: إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا) لِلصَّلَاةِ (أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ) لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِبُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ قَطْعًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لِلصَّلَاةِ. أَمَّا كَثِيرُهُ فَيُبْطِلُ مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ الْجَهْلِ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ مُفَرَّقًا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ لِلصَّلَاةِ هَيْئَةً مَذْكُورَةً بِخِلَافِهِ، وَهَذَا لَا يَصْلُحُ فَرْقًا فِي جَهْلِ التَّحْرِيمِ، وَالْفَرْقُ الصَّالِحُ لِذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ ذَاتُ أَفْعَالٍ مَنْظُومَةٍ وَالْفِعْلُ الْكَثِيرُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ كَفٌّ، وَالْمُكْرَهُ هُنَا كَغَيْرِهِ لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ.
(فَلَوْ كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ) فَذَابَتْ (فَبَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا (ذَوْبَهَا) بِمَصٍّ وَنَحْوِهِ لَا بِمَضْغٍ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمُنَافَاتِهِ لِلصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ لِعَدَمِ الْمَضْغِ. ثُمَّ إنَّ الْمَضْغَ مِنْ الْأَفْعَالِ فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ شَيْءٌ مِنْ الْمَمْضُوغِ.
(وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) أَنْ يَتَوَجَّهَ (إلَى) سُتْرَةٍ نَحْوِ (جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ) أَيْ: عَمُودٍ كَخَشَبَةٍ مَبْنِيَّةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute