للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ عَصًا مَغْرُوزَةٍ، أَوْ بَسَطَ مُصَلًّى، أَوْ خَطَّ قُبَالَتَهُ دَفْعُ الْمَارِّ، وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ حِينَئِذٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

(أَوْ) إلَى نَحْوِ (عَصًا مَغْرُوزَةٍ) كَمَتَاعٍ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِخَبَرِ «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (أَوْ بَسَطَ مُصَلًّى) عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ كَسَجَّادَةٍ بِفَتْحِ السِّينِ (أَوْ خَطَّ قُبَالَتَهُ) عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ خَطًّا طُولًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، رَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا. ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» (١) وَقِيسَ بِالْخَطِّ الْمُصَلَّى، وَقُدِّمَ عَلَى الْخَطِّ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ، وَطُولُ الْمَذْكُورَاتِ حَتَّى الْخَطِّ ثُلُثَا ذِرَاعٍ فَأَكْثَرُ تَقْرِيبًا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُصَلِّي ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ.

وَإِذَا صَلَّى إلَى شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ سُنَّ لَهُ، وَكَذَا لِغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَفَقُّهًا (دَفْعُ الْمَارِّ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلَّى، وَالْخَطِّ مِنْهُمَا أَعْلَاهُمَا: وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» (٢) أَيْ: مَعَهُ شَيْطَانٌ أَوْ هُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ حِينَئِذٍ) وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا آخَرَ لِخَبَرِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي - أَيْ: إلَى السُّتْرَةِ - مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (٣) " إلَّا مِنْ الْإِثْمِ " فَالْبُخَارِيُّ " وَإِلَّا خَرِيفًا " فَالْبَزَّارُ، وَقَضِيَّةُ هَذَا وُجُوبُ الدَّفْعِ، وَقَدْ بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهَا، وَلَيْسَ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ احْتَجَّ بِخَبَرِ «كُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَظْلُومَ، وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الظَّالِمَ» (٤) وَالْمَنْقُولُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَبِهَذَا يُلْغَزُ، وَيُقَالُ لَنَا حَرَامٌ لَا يَجِبُ إنْكَارُهُ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَكَأَنَّ الصَّارِفَ عَنْ وُجُوبِهِ شِدَّةُ مُنَافَاتِهِ لِمَقْصُودِ الصَّلَاةِ مِنْ الْخُشُوعِ وَالتَّدَبُّرِ، وَأَيْضًا لِلِاخْتِلَافِ فِي تَحْرِيمِهِ، وَالتَّحْرِيمُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصُرْ الْمُصَلِّي بِصَلَاتِهِ فِي الْمَكَانِ، وَإِلَّا كَأَنْ وَقَفَ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَلَا حُرْمَةَ بَلْ، وَلَا كَرَاهَةَ كَمَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ فُرْجَةً أَمَامَهُ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ، بَلْ لَهُ خَرْقُ الصُّفُوفِ وَالْمُرُورُ بَيْنَهَا لِيَسُدَّ الْفُرْجَةَ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَفِيهَا لَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا: أَيْ: أَوْ لَمْ تَكُنْ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ. لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا: " لَكِنْ يُكْرَهُ " مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ غَيْرِ الشَّدِيدَةِ. قَالَ: وَإِذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْعَلَهَا مُقَابِلَةً لِيَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، وَلَا يَصْمُدُ لَهَا بِضَمِّ الْمِيمِ: أَيْ: وَلَا يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَإِذَا دَفَعَ دَفَعَ بِالْأَسْهَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>