وَسَهْوُهُ حَالَ قُدْوَتِهِ يَحْمِلُهُ إمَامُهُ.
فَلَوْ ظَنَّ سَلَامَهُ فَسَلَّمَ فَبَانَ خِلَافُهُ سَلَّمَ مَعَهُ وَلَا سُجُودَ، وَلَوْ ذَكَرَ فِي تَشَهُّدِهِ تَرْكَ رُكْنٍ غَيْرَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إلَى رَكْعَتِهِ وَلَا يَسْجُدُ، وَسَهْوُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ لَا يَحْمِلُهُ.
فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ بِسَلَامِ إمَامِهِ بَنَى وَسَجَدَ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَالْمَنْقُولُ فِي الْخَبَرِ «أَنَّهُ قَامَ وَمَضَى إلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَرَاجَعَ ذِي الْيَدَيْنِ وَسَأَلَ الصَّحَابَةَ فَأَجَابُوهُ» (وَسَهْوُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (حَالَ قُدْوَتِهِ) الْحِسِّيَّةِ كَأَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْحُكْمِيَّةِ كَأَنْ سَهَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فِي ثَانِيَتِهَا مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ (يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِمَامُ ضَامِنٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُرِيدُ بِالضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ كَمَا يَتَحَمَّلُ الْجَهْرَ وَالسُّورَةَ وَغَيْرَهُمَا، وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ شَمَّتَ الْعَاطِسَ، وَهُوَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسُّجُودِ، وَاحْتُرِزَ بِحَالِ الْقُدْوَةِ عَنْ سَهْوِهِ قَبْلَ الْقُدْوَةِ كَمَا لَوْ سَهَا وَهُوَ مُنْفَرِدٌ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُهُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ تَرْجِيحَ تَحَمُّلِهِ لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ عَنْهُ كَمَا أَنَّهُ يَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ الْوَاقِعُ قَبْلَ الْقُدْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَهِدَ تَعَدِّي الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَكْسِهِ، وَعَنْ سَهْوِهِ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُهُ كَمَا سَيَأْتِي.
(فَلَوْ ظَنَّ سَلَامَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فَسَلَّمَ) الْمَأْمُومُ (فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ ظَنِّهِ (سَلَّمَ مَعَهُ) أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى سَلَامِ إمَامِهِ (وَلَا سُجُودَ) لِسَهْوِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ فَيَتَحَمَّلُهُ إمَامُهُ (وَلَوْ ذَكَرَ) الْمَأْمُومُ (فِي) آخِرِ صَلَاتِهِ فِي (تَشَهُّدِهِ) أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (تَرْكَ رُكْنٍ) تَرَكَهُ بَعْدَ الْقُدْوَةِ، وَلَا يَعْرِفُ مَا هُوَ لَكِنَّهُ (غَيْرُ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ) لِلْإِحْرَامِ لَمْ يَعُدْ لِتَدَارُكِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ، وَ (قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إلَى رَكْعَتِهِ) الَّتِي فَاتَتْ بِفَوَاتِ الرُّكْنِ (وَلَا يَسْجُدُ) لِوُجُودِ سَهْوِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ الرُّكْنِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَمَّلْهُ عَنْهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ شَاكٌّ فِيمَا أَتَى بِهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ، كَمَا لَوْ شَكَّ الْمَسْبُوقُ هَلْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَقَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلتَّرَدُّدِ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْقِيَامِ أَنَّهُ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مَعَ تَرَدُّدِهِ فِيمَا ذُكِرَ مُحْتَمِلٌ لِلزِّيَادَةِ، أَمَّا النِّيَّةُ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَالتَّارِكُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَيْسَ فِي صَلَاةٍ (وَسَهْوُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ إمَامِهِ (لَا يَحْمِلُهُ) أَيْ إمَامُهُ مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ مُوَافِقًا لِانْتِهَاءِ الْقُدْوَةِ كَمَا لَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ سَهْوَهُ قَبْلَ الْقُدْوَةِ كَمَا مَرَّ.
(فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ بِسَلَامِ إمَامِهِ) فَذَكَرَهُ حَالًا (بَنَى) عَلَى صَلَاتِهِ (وَسَجَدَ) لِأَنَّ سَهْوَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ مَعَهُ لَمْ يَسْجُدْ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِنْ ذَكَرَ فِيهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ احْتِمَالَيْنِ، فَإِنْ ظَنَّهُ الْمَسْبُوقُ بِرَكْعَةٍ مَثَلًا سَلَّمَ فَقَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ قَبْلَ سَلَامِهِ لَمْ تُحْسَبْ لِفِعْلِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، فَإِذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَعَادَهَا وَلَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ، وَلَوْ عَلِمَ فِي الْقِيَامِ أَنَّهُ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ، وَلَوْ جَوَّزْنَا مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، فَإِذَا جَلَسَ وَوَجَدَهُ لَمْ يُسَلِّمْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ سَلَامَهُ، فَلَوْ أَتَمَّهَا جَاهِلًا بِالْحَالِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَمْ تُحْسَبْ، فَيُعِيدُهَا لِمَا مَرَّ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَلَوْ نَطَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute