وَيَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ، فَإِنْ سَجَدَ لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ، وَإِلَّا فَيَسْجُدُ عَلَى النَّصِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
بِالسَّلَامِ وَلَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقُلْ: عَلَيْكُمْ لَمْ يَسْجُدْ لِعَدَمِ الْخِطَابِ وَالنِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ وَلَمْ يَقُلْ: عَلَيْكُمْ سَجَدَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ (وَيَلْحَقُهُ) أَيْ الْمَأْمُومَ (سَهْوُ إمَامِهِ) غَيْرِ الْمُحْدِثِ، وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ ذَلِكَ لَتَطَرَّقَ الْخَلَلُ لِصَلَاتِهِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ، وَلَتَحَمَّلَ الْإِمَامُ عَنْهُ السَّهْوَ. أَمَّا إذَا بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا فَلَا يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ وَلَا يَتَحَمَّلُ هُوَ عَنْهُ، إذْ لَا قُدْوَةَ حَقِيقَةً حَالَ السَّهْوِ.
فَإِنْ قِيلَ: الصَّلَاةُ خَلْفَ الْمُحْدِثِ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ الْمَشْهُورِ حَتَّى لَا يَجِبُ عِنْدَ ظُهُورِهِ فِي الْجُمُعَةِ إعَادَتُهَا إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَهَا جَمَاعَةً لَا يَقْتَضِي لُحُوقَ السَّهْوِ لِأَنَّ لُحُوقَهُ تَابِعٌ لِمَطْلُوبِيَّتِهِ مِنْ الْإِمَامِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُحْدِثِ لِبُطْلَانِهَا لَا يُطْلَبُ مِنْهُ جَبْرُهَا، فَكَذَا صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ بِهِ (فَإِنْ سَجَدَ) إمَامُهُ (لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ سَهَا حَمْلًا عَنْ أَنَّهُ سَهَا، بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ سَجَدَ الْمَأْمُومُ أُخْرَى حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ سَهَا أَيْضًا، وَهَذَا السُّجُودُ لِسَهْوِ الْإِمَامِ لَا لِمُتَابَعَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ الْمُتَابَعَةَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ نَاسِيًا لَمْ يَجُزْ لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ إلَى خَامِسَةٍ لَمْ يُعْهَدْ بِخِلَافِ سُجُودِهِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ لِسَهْوِ إمَامِهِ.
وَأَمَّا مُتَابَعَةُ الْمَأْمُومِينَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِيَامِهِ لِلْخَامِسَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَحَقَّقُوا زِيَادَتَهَا لِأَنَّ الزَّمَنَ كَانَ زَمَنَ الْوَحْيِ وَإِمْكَانِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَلِهَذَا قَالُوا: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا رَأَى الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ يَنْوِي الْجُمُعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ بِهِ رَكْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَابِعُهُ فِيمَا سَيَأْتِي إذَا عَلِمَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ شَيْخِي، وَهُنَا لَمْ يَعْلَمْ، وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَا إذَا تَيَقَّنَ غَلَطَ الْإِمَامِ فِي ظَنِّهِ سَبَبَ سُجُودِ السَّهْوِ كَأَنْ ظَنَّ تَرْكَ بَعْضٍ يَعْلَمُ الْمَأْمُومُ فِعْلَهُ قَالَا: فَلَا يُوَافِقُهُ إذَا سَجَدَ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَهُوَ مُشْكِلٌ تَصْوِيرًا وَحُكْمًا وَاسْتِثْنَاءً فَتَأَمَّلْهُ. اهـ.
وَجْهُ إشْكَالِ تَصْوِيرِهِ كَيْفَ يَعْلَمُ الْمَأْمُومُ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ لِذَلِكَ؟ . جَوَابُهُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِذَلِكَ وَهُوَ كَافٍ وَوَجْهُ إشْكَالِ حُكْمِهِ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ لِشَيْءٍ ظَنَّهُ سَهَا بِهِ وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ يَسْجُدُ لِذَلِكَ، وَإِذَا سَجَدَ ثَانِيًا لَزِمَ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ أَوَّلًا، وَإِنْ سَجَدَ مَعَهُ ثَانِيًا، وَوَجْهُ إشْكَالِ اسْتِثْنَائِهِ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ لَمْ يَسْهُ فَكَيْفَ يُسْتَثْنَى مِنْ سَهْوِ الْإِمَامِ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صُورَةً (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ بِأَنْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ اعْتِقَادًا مِنْهُ أَنَّهُ بَعْدَ السَّلَامِ (فَيَسْجُدُ) الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (عَلَى النَّصِّ) جَبْرًا لِلْخَلَلِ، بِخِلَافِ تَرْكِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَوْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ، فَلَا يَأْتِي الْمَأْمُومُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ خِلَالَ الصَّلَاةِ، فَلَوْ انْفَرَدَ بِهِمَا لَخَالَفَ الْإِمَامَ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ لَا يَسْجُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْهُ وَإِنَّمَا سَهَا الْإِمَامُ وَسُجُودُهُ مَعَهُ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ الْمَتْبُوعُ فَالتَّابِعُ أَوْلَى، وَعَلَى النَّصِّ لَوْ تَخَلَّفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لِيَسْجُدَ، فَعَادَ الْإِمَامُ إلَى السُّجُودِ لَمْ يُتَابِعْهُ، سَوَاءٌ أَسَجَدَ قَبْلَ عَوْدِ إمَامِهِ أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِسُجُودِهِ فِي الْأُولَى، وَبِاسْتِمْرَارِهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ، بَلْ يَسْجُدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute