فَإِنْ جُمِعَ فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ فَطَهُورٌ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ، وَهُوَ رَفْعُ الْحَدَثِ الْمُسْتَفَادِ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ فَرِيضَةٍ، وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ أَصَالَةً (فَإِنْ جُمِعَ) الْمُسْتَعْمَلُ عَلَى الْجَدِيدِ (فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ فَطَهُورٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَشَدُّ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَالْمَاءُ الْمُتَنَجِّسِ لَوْ جُمِعَ حَتَّى بَلَغَ قُلَّتَيْنِ: أَيْ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ صَارَ طَهُورًا قَطْعًا، فَالْمُسْتَعْمَلُ أَوْلَى. وَالثَّانِي لَا يَعُودُ طَهُورًا؛ لِأَنَّ قُوَّتَهُ صَارَتْ مُسْتَوْفَاةً بِالِاسْتِعْمَالِ فَالْتُحِقَ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ: وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ سُرَيْجٍ (ا) .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْمَحَلِّ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ مَا بَقِيَتْ الْحَاجَةُ إلَى الِاسْتِعْمَالِ بِالِاتِّفَاقِ لِلضَّرُورَةِ، فَلَوْ نَوَى جُنُبٌ رَفْعَ الْجَنَابَةِ، وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْحَدَثِ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الِاسْتِعْمَالِ بَاقِيَةٌ إلَى الِانْفِصَالِ، وَالْمَاءُ فِي حَالِ اسْتِعْمَالِهِ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْحَدَثِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا لَوْ كَانَ بِهِ خَبَثٌ بِمَحَلَّيْنِ فَمَرَّ الْمَاءُ بِأَعْلَاهُمَا ثُمَّ بِأَسْفَلِهِمَا طَهَرَا مَعًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْجُنُبَ لَوْ نَزَلَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَنَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ ثُمَّ اغْتَرَفَ الْمَاءَ بِإِنَاءٍ أَوْ بِيَدِهِ وَصَبَّهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لَا تَرْتَفِعُ جَنَابَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ الَّذِي اغْتَرَفَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي (٢) وَالرُّويَانِيُّ (٣) وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ، وَلَوْ نَوَى جُنُبَانِ مَعًا بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ طَهَرَا أَوْ مُرَتَّبًا، وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ، فَالْأَوَّلُ فَقَطْ أَوْ نَوَيَا مَعًا فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُمَا عَنْ بَاقِيهِمَا، وَلَوْ شَكَّا فِي الْمَعِيَّةِ قَالَ شَيْخُنَا: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ؛ لِأَنَّا لَا نَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ بِالشَّكِّ، وَسَلْبُهَا فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَقَطْ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَالْمَاءُ الْمُتَرَدِّدُ عَلَى عُضْوِ الْمُتَوَضِّئِ وَعَلَى بَدَنِ الْجُنُبِ وَعَلَى الْمُتَنَجِّسِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَهُورٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute