للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَهَى سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا شُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ ابْتِدَاءً.

وَلَوْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ.

وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمَا دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.

ــ

[مغني المحتاج]

إلَيْهِ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِحَاجَةٍ كَتَطَهُّرٍ أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ لَهُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ وَلَوْ بِمَكَانٍ لَا يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ، فَإِنْ كَانَ وَطَنَهُ صَارَ مُقِيمًا بِابْتِدَاءِ رُجُوعِهِ أَوْ نِيَّتِهِ فَلَا يَتَرَخَّصُ فِي إقَامَتِهِ وَلَا رُجُوعِهِ إلَى أَنْ يُفَارِقَ وَطَنَهُ تَغْلِيبًا لِلْوَطَنِ، وَحَكَى فِيهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَجْهًا شَاذًّا أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ إلَى أَنْ يَصِلَهُ اهـ.

وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ تَرَخَّصَ وَإِنْ دَخَلَهُ وَلَوْ كَانَ دَارَ إقَامَتِهِ لِانْتِفَاءِ الْوَطَنِ فَكَانَتْ كَسَائِرِ الْمَنَازِلِ.

فَإِنْ رَجَعَ مِنْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ (انْتَهَى سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا شُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ ابْتِدَاءً) مِنْ سُورٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَتَرَخَّصُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْتَهِيَ سَفَرُهُ إلَّا بِدُخُولِ الْعُمْرَانِ أَوْ السُّورِ كَمَا لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا إلَّا بِخُرُوجِهِ مِنْهُ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الرَّوْضِ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ هُوَ الْمَنْقُولُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ فَلَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِتَحَقُّقِ السَّفَرِ وَتَحَقُّقُهُ بِخُرُوجِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالسَّفَرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَانْقَطَعَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ مُبْتَدَأَ سَفَرِهِ مِنْ وَطَنِهِ وَإِنْ كَانَ مَارًّا بِهِ فِي سَفَرِهِ كَأَنْ خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ بَعِيدٍ قَاصِدًا الْمُرُورَ بِهِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةٍ لَا مِنْ بَلَدٍ يَقْصِدُهُ وَلَا بَلَدٍ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِمَا فَإِنَّهُ يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِذَلِكَ وَيَنْتَهِي أَيْضًا بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ.

(وَلَوْ نَوَى) الْمُسَافِرُ الْمُسْتَقِلُّ وَلَوْ مُحَارِبًا (إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) تَامَّةٍ بِلَيَالِيِهَا أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ وَأَطْلَقَ (بِمَوْضِعٍ) عَيَّنَهُ صَالِحٌ لِلْإِقَامَةِ، وَكَذَا غَيْرُ صَالِحٍ كَمَفَازَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ (انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ) أَيْ بِوُصُولِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَقْصُودُهُ أَمْ فِي طَرِيقِهِ أَوْ نَوَى بِمَوْضِعٍ وَصَلَ إلَيْهِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِالنِّيَّةِ مَعَ مُكْثِهِ إنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا.

وَلَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بِلَا نِيَّةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِتَمَامِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْقَصْرَ بِشَرْطِ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ، وَالْمُقِيمُ وَالْعَازِمُ عَلَى الْإِقَامَةِ غَيْرُ ضَارِبٍ فِي الْأَرْضِ، وَالسُّنَّةُ بَيَّنَتْ أَنَّ مَا دُونَ الْأَرْبَعِ لَا يَقْطَعُ السَّفَرَ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» وَكَانَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ وَمُسَاكَنَةُ الْكُفَّارِ، فَالتَّرَخُّصُ فِي الثَّلَاثِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ، وَمَنَعَ عُمَرُ أَهْلَ الذِّمَّةِ الْإِقَامَةَ فِي الْحِجَازِ ثُمَّ أَذِنَ لِلتَّاجِرِ مِنْهُمْ أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ رَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ، وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا وَدُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَأُلْحِقَ بِإِقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ نِيَّةُ إقَامَتِهَا، أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ وَهُوَ سَائِرٌ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْقَصْرِ السَّفَرُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً، وَكَذَا لَوْ نَوَاهَا غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ كَالْعَبْدِ وَلَوْ مَاكِثًا.

(وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ (يَوْمَا دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ) إذَا دَخَلَ نَهَارًا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ الْحَطَّ وَفِي الثَّانِي الرَّحِيلَ وَهُمَا مِنْ أَشْغَالِ السَّفَرِ، وَالثَّانِي: يُحْسَبَانِ كَمَا يُحْسَبُ فِي مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ يَوْمَ الْحَدَثِ وَيَوْمَ النَّزْعِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَسْتَوْعِبُ النَّهَارَ بِالسَّيْرِ، وَإِنَّمَا يَسِيرُ فِي بَعْضِهِ وَهُوَ فِي يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ سَائِرٌ فِي بَعْضِ النَّهَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>