للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَهُوَ مَرْحَلَتَانِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ.

وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ قَصَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أَوَّلًا، فَلَا قَصْرَ لِلْهَائِمِ وَإِنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ، وَلَا طَالِبِ غَرِيمٍ وَآبِقٍ يَرْجِعُ مَتَى وَجَدَهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَرْسَخًا، وَالْفَرْسَخُ: ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، وَالْمِيلُ: أَرْبَعَةُ آلَافِ خَطْوَةٍ، وَالْخَطْوَةُ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ. وَالْقَدَمَانِ: ذِرَاعٌ، وَالذِّرَاعُ: أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا مُعْتَرِضَاتٍ، وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَدِلَاتٍ، وَالشُّعَيْرَةُ: سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ. وَهَاشِمِيَّةٌ: نِسْبَةٌ إلَى بَنِي هَاشِمٍ لِتَقْدِيرِهِمْ لَهَا وَقْتَ خِلَافَتِهِمْ بَعْدَ تَقْدِيرِ بَنِي أُمَيَّةَ لَهَا، لَا إلَى هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ. تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْأَمْيَالَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هُوَ الشَّائِعُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَصَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى أَنَّهَا أَرْبَعُونَ، وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الْجَمِيعَ، وَبِالثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ، وَبِالثَّالِثِ الْأَمْيَالَ الْأُمَوِيَّةَ الْخَارِجِيَّةَ بِقَوْلِهِ هَاشِمِيَّةٍ، وَهِيَ الْمَنْسُوبَةُ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَالْمَسَافَةُ عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ مِيلًا، إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا قَدْرُ سِتَّةٍ هَاشِمِيَّةٍ.

(قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَهُوَ) أَيْ السَّفَرُ الطَّوِيلُ (مَرْحَلَتَانِ) وَهُمَا سَيْرُ يَوْمَيْنِ بِلَا لَيْلَةٍ مُعْتَدِلَيْنِ، أَوْ لَيْلَتَيْنِ بِلَا يَوْمٍ مُعْتَدِلَتَيْنِ، أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَذَلِكَ (بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ) أَيْ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ، وَدَبِيبِ الْأَقْدَامِ عَلَى الْعَادَةِ الْمُعْتَادَةِ مِنْ النُّزُولِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَالْأَكْلِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِقْدَارُ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ.

(وَالْبَحْرُ فِي اعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ) الْمَذْكُورَةِ (كَالْبَرِّ) فَيُقْصَرُ فِيهِ (فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ) مَثَلًا لِشِدَّةِ جَرْيِ السَّفِينَةِ بِالْهَوَاءِ أَوْ نَحْوِهِ (قَصَرَ) فِيهَا لِأَنَّهَا مَسَافَةٌ صَالِحَةٌ لِلْقَصْرِ فَلَا يُؤَثِّرُ قَطْعُهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا يَقْصُرُ لَوْ قَطَعَ الْمَسَافَةَ فِي الْبَرِّ كَمَا لَوْ قَطَعَهَا عَلَى فَرَسٍ جَوَادٍ فِي بَعْضِ يَوْمٍ، وَلَوْ شَكَّ فِي طُولِ سَفَرِهِ اجْتَهَدَ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ حَمْلُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ عَدَمَ الْقَصْرِ.

وَثَانِي الشُّرُوطِ قَصْدُ مَحَلٍّ مَعْلُومٍ كَمَا قَالَ (وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ مَوْضِعٍ) مَعْلُومٍ (مُعَيَّنٍ) أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ (أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ سَفَرِهِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ طَوِيلٌ فَيَقْصُرُ أَوَّلًا (فَلَا قَصْرَ لِلْهَائِمِ) وَهُوَ مَنْ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ (وَإِنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ) إذْ شَرْطُ الْقَصْرِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى قَطْعِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا رَاكِبَ التَّعَاسِيفِ، فَقَدْ قَالَ أَبُو الْفُتُوحِ الْعِجْلِيُّ: هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْهَائِمُ الْخَارِجُ عَلَى وَجْهِهِ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ وَإِنْ سَلَكَ طَرِيقًا مَسْلُوكًا، وَرَاكِبُ التَّعَاسِيفِ لَا يَسْلُكُ طَرِيقًا، فَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي أَنَّهُمَا لَا يَقْصِدَانِ مَوْضِعًا مَعْلُومًا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ.

وَيَدُلُّ لَهُ جَمْعُ الْغَزَالِيِّ بَيْنَهُمَا (وَلَا طَالِبَ غَرِيمٍ وَآبِقٍ وَيَرْجِعُ مَتَى وَجَدَهُ) أَيْ مَطْلُوبَهُ مِنْهُمَا (وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ) وَإِنْ طَالَ سَفَرُهُ لِانْتِفَاءِ عِلْمِهِ بِطُولِهِ أَوَّلَهُ. نَعَمْ إنْ قَصَدَ سَفَرَ مَرْحَلَتَيْنِ أَوَّلًا كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَطْلُوبَهُ قَبْلَهُمَا قَصَرَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا، وَكَذَا قَصْدُ الْهَائِمِ سَفَرَ مَرْحَلَتَيْنِ كَمَا شَمِلَتْهُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُطْلَقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اعْتَمَدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>